مساعٍ لتمكين لبنان من «تمديد» فترة السماح وتأخير «الضربة الإسرائيلية»

download-64

– الاتحاد الأوروبي: رَفْض «حزب الله» نزْع سلاحه والضربات الإسرائيلية يهددان استقرار لبنان
– عون: خيار التفاوض هو البديل عن الحرب التي لن تعطي أي نتيجة بل ستلحق المزيد من الخراب بلبنان واللبنانيين
– فرنسا تعمل على آلية جديدة لمتابعة نزْع سلاح «حزب الله»

تتسارع وتيرةُ الاتصالات والتحرّكات في الأسبوعيْن الأخيريْن الفاصليْن عن السنة الجديدة التي باتت بدايتُها موصولةً بـ «خطِّ نهايةٍ» وَضَعَتْه الحكومةُ اللبنانية للجيش لانهاء مَهمة تفكيك ترسانة «حزب الله» في منطقة جنوب الليطاني في إطار المرحلة الأولى من خطةٍ تنفيذيةٍ لقرارها بحصْر السلاح في يد الدولة تطبيقاً لجوهر اتفاق وقف الأعمال العدائية مع تل أبيب (27 نوفمبر 2024) وسَحْباً لذريعةٍ إسرائيلية لإكمال «حرب لبنان الثالثة».

ومع العدّ العكسي لـ 31 ديسمبر تتكثّف المَساعي عبر واشنطن وباريس والقاهرة وقنوات عربية أخرى لإيجاد «ممرٍّ آمن» كفيلٍ بتمديد «إقامة» لبنان في «منطقة رمادية»، بين اعتداءاتٍ موْضعية مستمرة «ولا مانِع بها» أميركياً وحربٍ واسعة «ممنوعة» حتى الآن، وسط مناخاتٍ عن محاولاتٍ لـ «إعادة جَدْوَلَة» موعد انهاء الجيش اللبناني سَحْبِ السلاح جنوب الليطاني بما يتيح «شراء وقت» إضافي ريثما ينقشع أكثر الأفق الاقليمي والإيراني خصوصاً.

 

«جَدْوَلة» جديدة للسلاح؟

وبعدما جَعَلَتْ إسرائيل نهايةَ السنة بمثابة «الحَبّات الأخيرة في الساعة الرملية» التي قَلَبَتْها للبنان لاتمام سَحْبِ السلاح من جنوب الليطاني وشماله وإلا فعّلتْ آلتَها العسكرية لضرباتٍ واسعةٍ وموجعة – علماً ان حكومة بيروت أقرّت هذه المهلة بوصْفها لقطاع جنوب النهر على أن يكمل بعدها «القطار» – يبرز في الكواليس عَمَلٌ لـ «تدوير الزوايا الحادة» لهذه المهلة وربما تمديدها لأسابيع قليلة برعاية أميركية، مستفيداً من عوامل عدة:

– الخطوة غير المسبوقة منذ 43 عاماً التي قام بها لبنان برفْع مستوى التمثيل داخل لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق 27 نوفمبر إلى دبلو- مدني عبر السفير السابق سيمون كرم، ما أسّس لمَسارِ تفاوُضٍ «ما فوق عسكري» يَنْعَقد في جولته «المعزَّزة» الثانية الجمعة، وسط معطياتٍ عن أن بيروت ستطالب تل أبيب بمنْحها شيئاً ما يدعّم خيار «الطاولة»، سواء بوقف الاعتداءات أو الانسحاب من نقطة في الجنوب.

وهذه الخطوة التي سلّفتْها «بلاد الأرز» عملياً للولايات المتحدة يُراهَن على أن تكون كفيلة بأن تساعد الأخيرة في إبطاء «هَرْوَلَةِ» إسرائيل نحو الضغط على زرّ التصعيد الكبير، وذلك على قاعدة إعطاء فرصة أطول للمَسار «الحديث الولادة» عبر الميكانيزم المحدَّثة وعدم إحراجِ بيروت باندفاعةِ نارٍ يُخشى أن تحرق واقعياً هذه العملية المعقّدة التي يُراد لها أن تخرق تباعاً جدراناً ديبلو – سياسية كان يُعتقد أنها «حديدية».

– النسَق الجديد الذي ارتسم من يانوح (الجنوب) لجهة انكسار «حاجز نفسي» كان اسمه دخول الجيش اللبناني أملاكاً خاصة بحثاً عن أسلحة ومستودعاتٍ لـ «حزب الله»، في ظلّ بروز نَمَطِ تنسيقٍ أكثر رسوخاً بين الجيش و«الميكانيزم» التي تدير «الشكاوى» التي تتلقاها من إسرائيل، وذلك بمعزل عن خلاصاتِ تَجميد الأخيرة قصف المبنى في البلدة بعد تَمَرْكُزِ عسكريين لبنانيين داخله عقب تفتيشه مرتين وعدم العثور على شيء فيه.

ويتم التعاطي مع هذا التطور على أنه، مع المسار التفاوضي «المحدَّث»، يمكن أن يشكّل أرضيةً تبرر «اختبارَ» آفاقِه ضمن «مُلْحَقٍ» محتمل لمرحلة جنوب الليطاني، باعتبار أن شمول المنازل والأملاك الخاصة بمهمة الجيش لم يكن قائماً منذ بدئها (5 سبتمبر)، فيما كان هذا مطلباً من الولايات المتحدة كما إسرائيل حاذر لبنان الرسمي والمؤسسة العسكرية الخوض فيه تحت عنوان رفض الاحتكاك مع أبناء الجنوب أو تحويل المشكلة «لبنانية – لبنانية».

تَشَدُّد إسرائيل و… إيران

وفي هذا الإطار، يسود ترقُّب لقابلية مثل هذا التمديد للحصول، إسرائيلياً بالدرجة الأولى، وتالياً هل يكون «الإخراج» بأن تتلافى حكومةُ الرئيس نواف سلام في جلسة مناقشة التقرير «الأخير» للجيش حول مَهمته جنوب الليطاني في 5 يناير إعلان هذه المنطقة «منزوعة السلاح»، وتعليل ذلك باستمرار إسرائيل في احتلال ما لا يقل عن 5 تلال فيها، وهو ما «يَحْميها» تالياً من «تدشين» مرحلة شمال الليطاني حيث تكمن أخطر الألغام.

ويشكّل شمال النهر المحورَ الحقيقي للمداولات الدبلوماسية باعتبار أن مآلات سَحْبِ السلاح فيه هي التي سَتَحْكم «تسخين» إسرائيل الحرب أم اجتراح تسويةٍ ولو من «فم النار» قبل أن تشتعل، وسط رَصْدٍ لدقةِ بدء واشنطن «تَقَبُّل» مبدأ الاستعاضة عن نزع السلاح بـ «عدم استخدامه» أو «احتوائه» أو «تجميده»، وهو ما يفترض ضماناتٍ من «حزب الله» بذلك وآلياتٍ لمراقبة ذلك، قد تحتاج «عيوناً» عربية ودولية على الأرض.

وهذا السياق هو الذي يفسّر وفق أوساط سياسية تَحَفُّظَ «حزب الله» عن مبدأ الاحتواء و«أخواته» من مفردات، باعتبار أنه سيَعْني ميدانياً إخراج الحزب نفسه من أي «حلقة نار» دفاعية عن إيران التي لا تكتم استمرارَ خَطَرِ استئناف إسرائيل والولايات المتحدة الحرب عليها، بعد أن يتم «تحييدُ» أذرعها سواء بـ «القطع الكامل» أو «تكبيل» الأسلحة الاستراتيجية لهذه الأذرع (صواريخ بالستية ومسيّرات) في المستودعات.

وتوقّفت الأوساط هنا باهتمام بالغ عند ما أعلنه علي أكبر ولايتي، مستشار السيد علي خامنئي للشؤون الدولية الأحد من أن طهران ستواصل بحزم دعم «حزب الله» «الذي يقف بالخطوط الأمامية للمقاومة»، مؤكداً أمام ممثل الحزب في إيران عبد الله صفي الدين (شقيق الأمين العام السابق هاشم صفي الدين) «المكانة الاستراتيجية للحزب الذي يُعدّ أحد أهمّ أعمدة محور المقاومة، ويلعب دوراً أساسياً في مواجهة الصهيونية».

وهذا الموقف من ولايتي الذي سبق أن اعتبر «حزب الله» أهم من «الخبز اليومي» للبنانيين ظهّر وفق الاوساط نفسها الخلفية العميقة لتشدد حزب الله في رفض تسليم سلاحه «ولو أطبقت السماء على الأرض»، وهو ما «يهدّد» بالقدر نفسه المساعي الرامية إلى تجنيب لبنان حرباً كبيرة «ولو بعد حين»، كما يضعف ما يحمله الموفدون سواء الى بيروت أو تل أبيب.

براك و… بارو

وإذ شخصت الانظار، في هذا الإطار لمَهمة الموفد الأميركي توم براك في إسرائيل حيث التقى بنيامين نتنياهو – الذي يتحضّر للقاء الرئيس دونالد ترامب في 29 الجاري – وبحث معه ملفا سورية ولبنان وكتب بعدها على «اكس» كان «حواراً بناء يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين»، لم تقلّ دلالةً 3 تطورات بدت متصلة بمحاولات سكب مياه باردة على ما تضمره إسرائيل «بالنار» بعد مطلع السنة:

– ما أعلنه وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، وبلاده ممثلة في لجنة الميكانيزم، من «أننا نعمل على آلية ثانية لمتابعة نزع سلاح «حزب الله»، بالتزامن مع تقارير (قناة الجديد) ذكرت» أن «الاقتراح الفرنسي بتغيير آلية عمل الميكانيزم محوره أن يقوم الجيش اللبناني بتصوير وتوثيق المداهمات التي يقوم بها جنوب الليطاني لتقديمها للجنة بالصوت والصورة»، وذلك سعياً لنزع الذريعة من إسرائيل بالذهاب الى خيار التصعيد.

جولة دبلوماسية جنوب الليطاني

الجولة البالغة الرمزية التي نظّمها الجيش اللبناني وقائد العماد رودولف هيكل لوفد من السفراء والملحقين العسكريين والأجانب في جنوب الليطاني وذلك بهدف أن يعاينوا بأم العين ما حقّقه في هذه البقعة على صعيد حصر السلاح، كما الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة.

وكان قائد الجيش وصل صباحاً مع الوفد (عُلم ان في عداده كان سفراء الولايات المتحدة ميشال عيسى، والسعودية وليد بخاري، ومصر علاء موسى والفرنسي هيرفيه ماغرو وآخرون) إلى ثكنة صور حيث كان في استقبالهم قائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن نيكولا تابت، وعُقد لقاء شرح خلاله الأخير عمليات الجيش قبل أن يغادر الوفد باتجاه منطقة القطاع الغربي في صور حيث عاينوا مراكز للجيش تمركز فيها عند الحافة الأمامية عند الحدود مع إسرائيل.

وعُلم ان الوفد عاين أيضاً منشآت كانت لحزب الله وصارت في عهدة المؤسسة العسكرية الشرعية وبينها أنفاق، وأن العرض الذي قدّمه الجيش للسفراء شهد تركيزاً دبلوماسياً على تقييم المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح وآليات الانتقال إلى المرحلة الثانية والعراقيل التي تواجه الجيش.

وخلال اللقاء، اوضح العماد هيكل «أن هدف الجولة تأكيد التزام الجيش بتطبيق القرار 1701 واتّفاق وقف الأعمال العدائية، وتنفيذ

المهمات الموكلة إليه، وذلك رغم الإمكانات المحدودة»، معرباً عن تقديره لـ«الدول الشقيقة والصديقة التي يمثّلونها، نظراً لما تبديه من حرص على لبنان»، ومؤكداً أن «الهدف الأساسي للمؤسسة العسكرية هو تأمين الاستقرار، فيما يستمر الاحتلال الإسرائيلي لأراض لبنانية بالتزامن مع الاعتداءات المتواصلة».

– اللقاء الثلاثي الفرنسي – الأميركي – السعودي المنتظر عقده الاربعاء والخميس في باريس بمشاركة العماد روردولف هيكل للبحث في مؤتمر دعم الجيش ومسار خطة حَصْرِ السلاح وتَقَدُّمها.

وفي حين تستقبل بيروت الخميس رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في سياق متابعة مساعي القاهرة لاحتواء التصعيد في لبنان ومنع توسُّعه، برز موقف لمفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس حذّرت فيه من «أن لبنان في مرحلة حساسة، ووقف النار هش»، معتبرة أن «رفض حزب الله نزع سلاحه والضربات الإسرائيلية يهددان استقرار البلاد».

وفي هذا الوقت، أكد رئيس العماد جوزف عون «ان الاتصالات مستمرة في الداخل والخارج من أجل تثبيت الامن والاستقرار في الجنوب من خلال المفاوضات عبر لجنة «الميكانيزم»، التي ستعقد اجتماعاً لها يوم الجمعة، والتي يحظى عملها بدعم لبناني وعربي ودولي لا سيما بعد تعيين السفير السابق سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني فيها، مشيراً الى«أن خيار التفاوض هو البديل عن الحرب التي لن تعطي أي نتيجة بل ستلحق المزيد من الأذى والخراب بلبنان واللبنانيين من دون استثناء».

مساعٍ لتمكين لبنان من «تمديد» فترة السماح وتأخير «الضربة الإسرائيلية» .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print