هجرة اللبنانيين وعودة السوريين: 900 ألف غادروا باتجاه واحد

92D25451-4815-4CA7-A330-D3AD114270E8.jpeg

نشرت المنظمة الدوليّة للهجرة أرقاماً حديثة، تناولت حركتي المغادرة والوصول عبر المنافذ الحدوديّة اللبنانيّة، في محاولة لتلمّس أبرز التحوّلات الديموغرافيّة التي طرأت على البلاد، منذ بداية الحرب الإسرائيليّة خلال العام الماضي وحتّى الآن. ما تبيّنه الأرقام، هو أنّ نحو 900 ألف شخص من الجنسيّتين اللبنانيّة والسوريّة، غادروا لبنان خلال الفترة الممتدة بين 23 أيلول 2024 و28 تشرين الثاني 2025، جرّاء تقاطع عاملين: استمرار هجرة اللبنانيين إلى الخارج باتجاه واحد، حتّى بعد انتهاء الحرب، وعودة النازحين السوريين إلى بلدهم، بعد سقوط نظام الأسد. 

وبهذا الشكل، فقد لبنان خلال فترة سنة ونيّف ما يقارب 15.5% من عدد السكّان، بحسب تقديرات شعبة السكّان للأمم المتحدة لعدد المقيمين خلال عام 2024. مع الإشارة إلى أنّ إحصاءات الأمم المتحدة كانت تقدّر عدد المقيمين في البلاد، خلال العام الماضي، بنحو 5.8 مليون شخص، وهو رقم يشمل اللبنانيين وسائر المقيمين من الجنسيّتين السوريّة والفلسطينيّة والعمّال الأجانب. 

هجرة اللبنانيين: 235.57 ألف شخص

على مستوى حملة الجنسيّة اللبنانيّة، سجّلت المعابر الحدوديّة مغادرة 2.54 مليون لبناني، بين 23 أيلول 2024 و28 تشرين الثاني الماضي، في مقابل وصول 2.77 مليون لبناني خلال الفترة نفسها. وهذا ما يعني أنّ نحو 235.57 ألف لبناني غادروا البلاد باتجاه واحد، ولم يعودوا حتّى بعد نهاية الحرب وإعلان اتفاق وقف إطلاق نار. ومن المفيد التنويه أنّ هذا التطوّر يمثّل نزيف سكّاني بالغ الخطورة، إذ أنّ حركة الهجرة الضخمة هذه جرى تسجيلها خلال فترة قصيرة لا تتجاوز السنة والشهرين.

ومن المهم الإشارة إلى أنّ حركة الهجرة، بالنسبة للبنانيين، لم تتراجع مع مرور الوقت، بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار. فخلال شهر تشرين الثاني الماضي وحده، جرى تسجيل مغادرة 155.7 ألف لبناني، في مقابل وصول 172 ألف لبناني، ما يعني أن 16.36 ألف لبناني غادروا بلادهم خلال شهر واحد فقط. ومن الواضح أنّ استمرار التأزّم على مستوى الوضع الأمني، واحتمالات تجدّد الحرب، ما زالا يساهمان بالإبقاء على وتيرة الهجرة إلى الخارج.

عودة اللاجئين السويين: 663.24 ألف شخص

وفق الأرقام نفسها، غادر لبنان خلال تلك الفترة ما يقترب من 2.38 مليون شخص من حملة الجنسيّة السوريّة، في مقابل وصول 2.38 مليون شخص. وبذلك، يتّضح أنّ ما يقارب الـ 663.24 ألف سوري غادروا لبنان باتجاه واحد، بين 23 أيلول 2024 و28 تشرين الثاني الماضي.

ومن المعلوم أن مغادرة اللاجئين السوريين للأراضي اللبنانيّة جرت على مرحلتين: الأولى، خلال الحرب الإسرائيليّة الموسّعة على لبنان، وهو ما وضع حركة المغادرة في إطار التهجير الذي تسبّبت به الحرب. مع الإشارة إلى أنّ جزء كبير من المغادرين، وخصوصًا من العاملين في القطاع الزراعي في الجنوب، لم يجدوا مصلحة اقتصاديّة في العودة إلى لبنان حتّى بعد انتهاء الحرب. أمّا المرحلة الثانية، فكانت بعد سقوط نظام الأسد، وهو ما فتح باب عودة السوريين الذين تواجدوا في لبنان لأسباب أمنيّة مرتبطة بالنظام السابق.

وتمامًا كحال اللبنانيين، استمرّت وتيرة مغادرة السوريين حتّى هذه اللحظة. فخلال شهر تشرين الثاني، غادر لبنان نحو 164.92 ألف سوري، في مقابل وصول 124.74 ألف شخص، ما يعني أنّ قرابة الـ 40.18 ألف سوري غادروا لبنان باتجاه واحد خلال ذلك الشهر. 

وتجدر الإشارة إلى أنّ حركة العبور سجّلت كذلك وصول 1.68 مليون شخص من حملة الجنسيّات الأخرى، في مقابل مغادرة 1.66 مليون شخص، ما يعني أنّ البلاد استقبلت 20.75 ألف شخص من سائر الجنسيّات خلال تلك الفترة. غير أنّ حجم الحركة الكبير بالاجمال، في مقابل محدوديّة الفارق بين الواصلين والمغادرين، يقلّلان من شأن مدلولات هذا الرقم. 

نزيف ديموغرافي خطير

من البديهي القول إنّ العودة الطوعيّة للنازحين السوريين، وبهذه الأرقام الكبيرة، تشكّل حلحلة تلقائيّة، لملفٍ لطالما مثّل مسألة سجاليّة في الداخل اللبناني. غير أنّ الخطير في هذه الأرقام، يتمثّل في حجم النزيف الديموغرافي الضخم، لجهة أعداد المغادرين باتجاه واحد من اللبنانيين. 

مع الإشارة إلى أنّ “المدن” قدرت سابقاً أعداد المهاجرين من لبنان، بين 2012 و2024، بنحو 898 ألف شخص، بالاعتماد على أرقام عدد من الدراسات وحركة الوصول والمغادرة عبر المنافذ الحدوديّة. وبهذا الشكل، يتّضح أنّ أعداد المهاجرين من لبنان، منذ العام 2012 وحتّى هذه السنة، قد قارب حدود الـ 1.15 مليون لبناني، ما يؤشّر إلى تداعيات مجموعة العوامل التي تجمع بين التأزّم الاقتصادي والحرب الأخيرة. هذا النزيف الديموغرافي، كان أحد الأثمان التي دفعها لبنان جرّاء العقد الضائع، الذي حذّر منه كثيرون. 

هجرة اللبنانيين وعودة السوريين: 900 ألف غادروا باتجاه واحد .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print