لبنان تحت المقصلة بين مهلة واشنطن وتهديد إسرائيل بإبادة السلاح

AFP__20251204__874C2G4__v2__MidRes__LebanonIsraelConflict_071054_large

تضاءل هامش المناورة اللبناني إلى درجة الصفر، نتيجة إصرار “حزب الله” على رهن الدولة لقرار إقليمي لا يخدم المصلحة الوطنية. إن ما يجري اليوم ليس مجرد تصعيد عابر، بل هو تصفية لوضع شاذ، وعملية إقليمية ودولية متكاملة تهدف إلى تجفيف مصادر قوة هذا السلاح واستئصال بنيته التحتية الخارجة عن الشرعية، مدفوعة بضغط أميركي متصاعد. لذلك، رفعت واشنطن يدها فعلياً عن رهانها على الدولة اللبنانية كـ”كيان مُنقذ”، وانتقلت إلى دعم منطق الإكراه العسكري، ممهدة الطريق لـ”العصر الإسرائيلي”. وفي خضم هذا الواقع، يتأكد أن مصير لبنان معلّق على حافة الهاوية.

 

*الإنذار الأخير يفرض حقائق جديدة على حزب الله

 

تشير المعلومات الاستخباراتية الواردة من تل أبيب، عبر تقارير صحيفة “معاريف”، إلى أن المهلة الدبلوماسية قد انتهت وبدأت مرحلة “التسوية القسرية”. وقد أكد المراسل العسكري آفي أشكنازي أن الجيش الإسرائيلي بات جاهزاً لـ”جولة من الإضعاف ستستمر لعدة أيام أو حتى أكثر من أسبوعين”، تستهدف “سحق حزب الله”، معتمدة بشكل أساسي على القوات الجوية. ويكمن الخطر الداهم في تأكيد المصادر أن الأميركيين “وافقوا من حيث المبدأ” على ما تخطط له إسرائيل، ما يعني رفع الغطاء الدولي عن أي عملية عسكرية وشيكة، وتحميل الدولة اللبنانية مسؤولية الإخفاق.

 

 *ضغط المستوى الأمني الإسرائيلي: تصفية الرهان الإيراني قبل الانفجار

 

تتطابق المعطيات الأخيرة، التي نقلتها “القناة 12” الإسرائيلية حول ضغط المستوى الأمني لـ “شن عملية تستهدف حزب الله”، مع الأجواء السائدة لضرورة تصفية الوجود العسكري الإيراني في لبنان قبل اندلاع مواجهة إقليمية واسعة. وتؤكد المصادر الأمنية الإسرائيلية أن “لا مفر من عملية” لمنع الحزب من استعادة قدراته العسكرية، مشيرة بوضوح إلى أن هذه العملية قد تكون المدخل لـ “التوصل لتسوية مع لبنان”. هذا يعني أن الهدف ليس مجرد ردع، بل تغيير قواعد اللعبة وفرض حل جذري عبر القوة.

هذا الموقف يؤكده النشاط الميداني للحزب (مثل تنكر عناصره كمزارعين لجمع معلومات استخبارية) الذي يغذي الرغبة في توسيع الشرعية لشن هجوم واسع. إن هذا التصعيد العسكري يضع لبنان عملياً في قلب المعركة الإقليمية ويلزم الطائفة الشيعية بمصير مجهول، لتكون الضحية المباشرة لرهان إيراني خالص يتجاوز الحدود الجغرافية، بينما يدفع لبنان بأكمله ثمن هذا الرهان انهياراً ودماراً.

 

*رفض الإذعان للمصير الإيراني

 

إن دعوة الأطراف السيادية للبحث عن مخرج سلمي ليست دعوات للهروب، بل هي محاولة يائسة لكسر الحلقة المفرغة للنزاع. هدفها إيجاد مخرج لبناني حقيقي من الاستنزاف الإقليمي، ودفع اللبنانيين إلى التقرير المصيري، والخروج من منطق “الأداة الإيرانية”. لقد باتت رسالة الأغلبية الوطنية واضحة: يجب على “حزب الله” أن ينأى بنفسه عن كونه ورقة تفاوض في البرنامج النووي الإيراني، لأن مصير اللبنانيين أهم من تحسين شروط التفاوض لطهران. إن رفض قيادة الحزب الاستماع إلى هذه التحذيرات يمثل استخفافاً غير مقبول بمخاطر إشعال حرب داخلية أو خارجية.

وفي الوقت الذي يتمسك فيه حزب الله بمقولة “رفض الاستسلام لـ’الزمن الإسرائيلي’”، تصر الأطراف السيادية على نزع السلاح بالقوة. وعلى النقيض، تأتي تحذيرات الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، لتؤكد على الرفض المطلق لاستخدام القوة الداخلية لتجريد السلاح، محذرةً من تكرار دروس الحرب الأهلية ومخاطر عزل أي طرف لبناني بالقوة. هذا التضارب يضع البلد في مأزق، بينما يصر أصحاب القرار على المراوغة في المنطقة الحمراء.

 

*تدويل الملف: يد ترامب و”الدول المتطوعة”

 

تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول وجود “دول ترغب في التدخل والتعامل مع حزب الله” ترفع سقف الأزمة إلى مستوى التدخل الإقليمي المباشر. تفيد المصادر الأميركية بأن واشنطن تمنح وقتاً أخيراً، لكن رسالة ترامب هي تحذير نهائي لا يمكن تجاهله: إما أن تتحمّل الدولة اللبنانية مسؤولية ضبط السلاح خارج الشرعية، أو أن يُدار هذا الملف من خارج لبنان وبقرارات إقليمية ودولية.

 

*نحو المجهول

 

لبنان دخل مرحلة جديدة عنوانها “المواجهة الشاملة أو الاستسلام القسري”. مع تحديد موعد نهائي أميركي واستعداد عسكري إسرائيلي وإرادة دولية للتدخل، يبدو أن مصير “حزب الله” قد تقرر خارج حدوده. لقد حان وقت الخيار الحاسم: على قيادة هذا السلاح أن تقرر إن كانت مستعدة فعلاً للتضحية بـ”نكبة” جديدة يكتبها تاريخ الصراعات بالدمار، من أجل إرضاء أجندة طهران، أم أنها ستختار التراجع لإنقاذ الشيعة أولاً ولبنان من المقصلة.

لبنان تحت المقصلة بين مهلة واشنطن وتهديد إسرائيل بإبادة السلاح .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print