بعد رفض أوكرانيا التنازل عن أراضيها.. ما هي سيناريوهات الرد الأميركي؟

IMG_5985

كتبت “آرم نيوز”: في ظل تصاعد التوتر السياسي والدبلوماسي، أعاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الكرة إلى ملعب واشنطن، مؤكدًا رفضه القاطع لأي تنازل عن الأراضي الأوكرانية لصالح روسيا، وفتح الباب أمام سيناريوهات أميركية محتملة تشمل الضغوط المالية والمفاوضات الثنائية، وحتى البحث عن بديل سياسي له.

وأكد زيلينسكي أن كييف لا تملك أي حق قانوني أو أخلاقي للتنازل عن أراضٍ، قائلاً: “هل نفكر في التنازل عن أراضٍ؟ ليس لدينا أي حق قانوني لفعل ذلك، لا بموجب القانون الأوكراني ولا الدستور ولا القانون الدولي”.

وجدد أندريه يرماك، رئيس مكتب الرئاسة، التأكيد على الموقف نفسه: “أي شخص عاقل لن يوافق على التنازل عن الأرض، وزيلينسكي لن يفعل ذلك ما دام رئيسًا، فالدستور يمنع التنازل عن الأراضي”.

في المقابل، واصل ترامب انتقاداته الحادة لزيلينسكي، واصفًا إياه بـ”البائع الماهر وبائع الأوهام”، مشيرًا إلى أن أوكرانيا حصلت على مبالغ ضخمة دون نتائج ملموسة، وأن روسيا تسيطر ميدانيًا. ورأى أن زيلينسكي عقبة أمام اتفاق السلام، لعدم اطلاعه الكافي على المقترح الأميركي، داعيًا كييف للتعاون لتجنب المزيد من الخسائر.

وخلال مكالمة هاتفية، حاول جاريد كوشنر، صهر ترامب ومبعوثه الخاص، الحصول على موافقة زيلينسكي على مقترح التسوية، بما في ذلك التنازل عن إقليم دونباس، مع مهلة قصيرة للرد مقابل وعود أمنية غير كافية للانضمام إلى “الناتو”.

وتشير التقديرات إلى احتمال لجوء واشنطن لتصعيد الضغوط المالية على أوكرانيا، عبر وقف أو تقليص المساعدات العسكرية، بهدف دفع كييف لقبول الخطة الأمريكية، ما قد يعزز موقف موسكو ويضعف زيلينسكي.

ورقة ضغط انتخابية

يرى الخبراء أن زيلينسكي يضع واشنطن أمام “كرة نار” برفضه الضغوط الأميركية وامتناعه عن أي تنازل عن الأراضي، في حين يعتبر آخرون أن ترامب قد يستخدم الانتخابات والضغط المباشر على كييف لفرض مسار سلام جديد.

ويشير محللون إلى أن الموقف الأوكراني قائم على مبدأ دستوري يحظر الاعتراف بسيادة روسيا على أي جزء من الأراضي، وأن غياب الضمانات الدولية يجعل التوصل إلى حلول وسط أمرًا صعبًا لكنه ضروري حاليًا.

وقال ماركو مسعد، عضو مجلس الشرق الأوسط للسياسات في واشنطن، إن المشهد بات واضحًا: زيلينسكي يناور أو يماطل، كما قال، ولن يقبل بالضغوط الأمريكية حاليًّا، تجنبًا لحكم تاريخي بأنه فشل في حماية أراضي بلاده.

وأشار مسعد، في تصريحات لـ”إرم نيوز”، إلى وجود ملفات فساد داخل الدائرة المقربة من زيلينسكي وإلى غياب الانتخابات، معتبرًا أن مصلحة الرئيس الأوكراني تكمن في استمرار الحرب، حتى لو خسر المزيد من الأراضي.

ويرى مسعد أن زيلينسكي يحاول تقديم نفسه كـ”بطل قومي يتمسك بالأرض”، لكن استمرار الحرب يمنح أطرافًا أخرى فرصة لاستخدام أوراق ضغط جديدة، من بينها الورقة التي لوّح بها ترامب. وأوضح أن الرئيس الأمريكي قد يغيّر سياسته بين التهديد والضغط المباشر، وربما السعي إلى تغيير زيلينسكي إذا اعتقد أنه يشكل عائقًا أمام تحقيق السلام.

وأضاف أن إعلان زيلينسكي استعداده لإجراء انتخابات خلال 60 إلى 90 يومًا لا يلغي احتمال توجُّه ترامب نحو فكرة التغيير، في ظل الجدل القائم حول شرعية الرئيس الأوكراني.

مسار التقارب مع روسيا
وأكد مسعد أن ورقة الانتخابات أو تغيير زيلينسكي تُستخدم كأداة ضغط، وتُعلّق عند ظهور بوادر تعاون، لكنها تعود إلى الواجهة اليوم بسبب ممانعة كييف التي قد تعرقل خطط ترامب الاقتصادية ومسار التقارب مع روسيا، خاصة مع رجال الأعمال الأميركيين والروس المشاركين في المفاوضات.

وقال إن ترامب لا يدخل المفاوضات لمجرد التفاوض، بل لتحقيق “إنجاز”، وهو مستعد لفعل ما يلزم للتوصل إلى اتفاق مع كييف ومع الأوروبيين.

في المقابل، يرى عماد أبو الرب، رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار، أن مسار المفاوضات الروسية ـ الأوكرانية بوساطة أميركية يسير في طرق “معقدة ومسدودة”.

وأوضح، لـ”إرم نيوز”، أن المواقف الحالية تكشف عن فجوة واضحة بين الأطراف، وأن واشنطن لم تنجح حتى الآن في إقناع كييف بمقترحاتها أو ببرامج الحل المطروحة.

وأكد أبو الرب أن كييف ما تزال متمسكة بوحدة وسيادة أراضيها وترفض التفريط بأي جزء منها، وترفض الاعتراف بسيادة روسيا على أي منطقة تحتلها القوات الروسية، مع التشديد على ضرورة الحصول على ضمانات دولية تحمي البلاد من أي اعتداءات مستقبلية.

وأشار إلى أن غياب هذه الضمانات يجعل الرسالة الأوكرانية الأخيرة موجهة لواشنطن وموسكو في آنٍ واحد، فنجاح ترامب في إنهاء الحرب يتطلب مراعاة المطالب الأوكرانية الأساسية.

صلاحية دستورية

وأوضح أبو الرب أن أي مسؤول أوكراني، بمن فيهم الرئيس، لا يمتلك صلاحية دستورية للاعتراف بسيادة روسيا على أي متر من الأراضي الأوكرانية، وهو مبدأ يشكل حجر الأساس في الموقف الرسمي.

وأعرب عن أمله في التوصل إلى حلول وسط أكثر واقعية، قد تشمل الاعتراف بالأوضاع القائمة باعتبارها “أمرًا واقعًا” دون الاعتراف بالسيادة الروسية، شريطة الاتفاق على توصيف قانوني واضح للمناطق المحتلة.

بعد رفض أوكرانيا التنازل عن أراضيها.. ما هي سيناريوهات الرد الأميركي؟ .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print