ذكر موقع “Responsible Statecraft” الأميركي أنه “لا يوجد وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، على الرغم من أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في التاسع من تشرين الأول من المفترض أن يؤسس له. ويستمر الهجوم الإسرائيلي على القطاع، وإن بوتيرة أقل مما كان عليه خلال معظم العامين الماضيين. ووفقاً لإحدى الإحصائيات، انتهكت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار 591 مرة بين 10 تشرين الأول و2 كانون الأول، من خلال مزيج من الهجمات الجوية والمدفعية وإطلاق النار المباشر. وأفادت وزارة الصحة في غزة باستشهاد 347 فلسطينيًا وإصابة 889 آخرين خلال هذه الفترة. وفي الوقت عينه، من الصعب العثور على أي خسائر إسرائيلية موثقة في قطاع غزة خلال الفترة عينها، باستثناء حادث إطلاق نار مبكر في رفح تقول إسرائيل إنه أدى إلى مقتل جندي، وتقول حماس إنها لم يكن لها أي علاقة بالحادث”.
وبحسب الموقع، “إن قواعد الاشتباك التي فرضتها إسرائيل على نفسها خلال “وقف إطلاق النار” تتجلى في مقتل فلسطينيين اثنين في نهاية الأسبوع الماضي على طول الخط الأصفر الذي يشكل حدود وقف إطلاق النار بالقرب من خان يونس. وصرح الجيش الإسرائيلي أن قواته “حددت هوية اثنين من المشتبه بهم” الذين “قاموا بأنشطة مشبوهة”، وبعد ذلك “قام سلاح الجو، بتوجيه من القوات البرية، بتصفية المشتبه بهم لإزالة التهديد”. وكان “التهديد” طفلين، يبلغان من العمر 9 و10 سنوات، غادرا منزلهما لجمع الحطب. ويسود نمط السلوك الإسرائيلي عينه اليوم في لبنان، حيث تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024. وقد سجلت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) أكثر من 7500 انتهاك للمجال الجوي ونحو 2500 انتهاك بري من قبل إسرائيل، فيما وصفه المقرر الخاص للأمم المتحدة بأنه “تجاهل تام لاتفاق وقف إطلاق النار”.”
وتابع الموقع، “تجلى الموقف الإسرائيلي تجاه وقف إطلاق النار أيضًا بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل جزئي للأسرى في كانون الثاني من هذا العام. رحبت إسرائيل ببعض الرهائن المفرج عنهم، واستغلت فترة الاستراحة لقواتها العسكرية قبل إنهاء وقف إطلاق النار واستئناف هجومها الشامل في آذار، ومن الواضح أن الحكومة الإسرائيلية لم تكن لديها أية نية لتنفيذ المراحل اللاحقة من هذا الاتفاق. وباستثناء الموافقة على وقف إطلاق النار، لم تكن هناك أي مشاركة من حماس أو أي فلسطيني آخر في “خطة السلام” الحالية المكونة من عشرين نقطة لغزة. صاغت الخطة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، دون الإفصاح عن حجم الإسهامات الإسرائيلية، ولكن بنتائج تصب في صالح إسرائيل بشدة. لذا، ترفض حماس الخطة، مشيرةً، من بين أمور أخرى، إلى أنها تترك الفلسطينيين تحت حكم أجنبي”.
وأضاف الموقع، “في غزة، سيشمل هذا الحكم الأجنبي هيئة دولية برئاسة داعم قوي لإسرائيل: ترامب. أما العضو الآخر المُرشح لهذه الهيئة الإشرافية فهو رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وهو شخصية مثيرة للجدل بين العرب لأسباب تتعلق بتحريضه على الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وأدائه لاحقًا كمبعوث دولي لمعالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كما تُشير حماس إلى جوانب أخرى تُخالف فيها الخطة المصالح الفلسطينية بشدة، بما في ذلك ما يتعلق بقوة استقرار دولية مُحتملة. وتُصرّح حماس بأن “تكليف القوة الدولية بمهام وأدوار داخل قطاع غزة، بما في ذلك نزع سلاح المقاومة، يُفقدها حيادها، ويُحوّلها إلى طرف في الصراع لصالح الاحتلال”. ونظراً لأن الخطة تُفضّل إسرائيل بشدة، قد يظن المرء أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ستكون أكثر ميلاً لاستكمال تنفيذها مما كانت عليه في اتفاق كانون الثاني، لكن إحدى أهم مزاياها هي السماح لها بمواصلة احتلال أجزاء من قطاع غزة إلى أجل غير مسمى ما لم تُلبَّ شروط أخرى، وترك الأمر لإسرائيل لتقرر ما إذا كانت ستُلبى أم لا. وتضع الخطة الأساس لإسرائيل لكي تعلن أنها يجب أن تستمر ليس فقط في الاحتلال، بل وأيضا في عملياتها العسكرية القاتلة”.
وبحسب الموقع، “الشرط الرئيسي المعلن هو نزع سلاح حماس، وهو ما يؤكده نتنياهو في خطابه. وبما أن حماس أبدت استعدادها للتخلي عن دورها المباشر في الحكم في غزة، فإن نزع السلاح الكامل سيُقارب فعليًا تحقيق هدف نتنياهو المعلن سابقًا والمتمثل في “تدمير” حماس، وليس من المستغرب أن تكون الحركة غير راغبة في تسليم كل أسلحتها. ومن غير المستغرب بشكل خاص في حالة حماس، نظراً لعدم وجود أي دور لها في كتابة الخطة الحالية، أن تتحدث هذه الوثيقة عن “ضمانة” لامتثال الحركة لالتزاماتها بينما لا تقول شيئاً عن الرد على الانتهاكات الإسرائيلية المتفشية، وأن إسرائيل ألحقت الموت والدمار بما يزيد كثيراً عن أي شيء فعلته حماس. في غضون ذلك، تواجه إدارة ترامب صعوبة بالغة في تجنيد الدول للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية المقترحة، والسبب الرئيسي لتردد المشاركين المحتملين هو استمرار العمليات العسكرية في غزة، وليس هناك وقف إطلاق نار حقيقي يُراقب أو يُطبّق”.
وتابع الموقع، “لا ترغب الحكومات تحديدًا في التدخل في محاولة نزع سلاح حماس، فإذا لم تتمكن سنتان من الحرب الشرسة التي شنتها إسرائيل من تحقيق هذا الهدف، فلن تتمكن قوة دولية أصغر وأضعف من ذلك أيضًا. علاوة على ذلك، لا ترغب الدول العربية تحديدًا، وكذلك الدول ذات الأغلبية المسلمة الأخرى، في أن تُرى وهي تقوم بالأعمال القذرة لإسرائيل. لا تزال دوافع نتنياهو لمواصلة الحرب دون تغيير في معظمها، وقد يُضعف طلبه العفو لإنهاء قضية الفساد المرفوعة ضده أحد هذه الدوافع، لكن فكرة هذا العفو، رغم تأييد ترامب، مثيرة للجدل في إسرائيل، وليس هناك ما يضمن أن الرئيس إسحاق هرتسوغ سيمنحه. على أي حال، فإن بقاء نتنياهو في السلطة يعني الحفاظ على ائتلاف يميني يضم متطرفين لن يترددوا في التطهير العرقي الكامل للفلسطينيين، ومن انعكاسات ذلك إعلان إسرائيل الأخير عن استعدادها لإعادة فتح معبر رفح بين قطاع غزة ومصر، ولكن فقط لمغادرة الفلسطينيين غزة، وليس العودة إليها”.
وأضاف الموقع، “من الممكن أن يؤدي التركيز والمتابعة من جانب الولايات المتحدة إلى إنقاذ أجزاء من الخطة المكونة من عشرين نقطة، ولكن من غير المرجح أن توفر إدارة ترامب مثل هذا الاهتمام. ففي الوقت الحالي، تستحوذ الحرب بين روسيا وأوكرانيا على معظم نطاق المفاوضات الرفيعة المستوى، حيث أجرى المبعوث الخاص ستيف ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنر، الذي كان يركز في السابق بشكل شبه كامل على الشرق الأوسط، مشاورات مؤخرا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو. وإذا عاد اهتمام ترامب بالاتفاقيات الدولية إلى الشرق الأوسط، فقد لا يكون ذلك تجاه إسرائيل وفلسطين، بل تجاه إيران، التي، على الرغم من انعدام الثقة المستمر الذي تفاقم بسبب العدوان الإسرائيلي والاميركي ضدها في حزيران، أبدت التزامها بالدبلوماسية واهتمامها بالتفاوض على اتفاق نووي جديد”.
وبحسب الموقع، “ما يهم ترامب هو توقيع أو الترويج لأي شيءٍ يُمكنه اعتباره اتفاق سلام، بغض النظر عن فعاليته، ومن المرجح أن يكون أكثر تقديراً لأي جديد يتعلق بأوكرانيا أو إيران من العمل المطلوب لإحلال السلام الحقيقي في غزة. لذا، يُتوقع غياب السلام في تلك المنطقة البائسة، مع غياب أي وقف إطلاق نار فعلي، وضعف احتمال تنفيذ معظم بنود الخطة المكونة من عشرين نقطة. وبصورة أعم، لن يتحقق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين ما دامت إسرائيل تُخضع الفلسطينيين. والمفاجأة الجديدة الوحيدة في هذه القصة الحزينة المألوفة هي احتمال تقسيم قطاع غزة على المدى الطويل على طول الخط الأصفر، حيث تحتل إسرائيل بشكل مباشر أكثر من نصف القطاع بقليل، بما في ذلك معظم الأراضي الزراعية المتاحة، وقد أقامت إسرائيل البنية التحتية على طول الخط الأصفر وكأنها تتصرف بشكل دائم”.
وتابع الموقع، “يبدو أن ما يدور في ذهن الحكومة الإسرائيلية وإدارة ترامب هو دعم الحجة القائلة بأن الفلسطينيين يتمتعون بحياة أفضل تحت الحكم الإسرائيلي مقارنة بأي منطقة يحكمها أمثال حماس. وبالإضافة إلى هذه الحجة، أعلنت إدارة ترامب عن نيتها بناء مجمعات سكنية على الجانب الإسرائيلي من القطاع، وهو ما من شأنه أن يشكل تحسناً مقارنة بمزيج الخيام والأنقاض والطين الذي أصبح منازل العديد من سكان غزة. والجانب الآخر من استراتيجية تقسيم الأراضي هذه هو إبقاء الجانب غير الإسرائيلي في حالة بؤس، ولتحقيق هذا الهدف، لا تزال إسرائيل تُقيّد المساعدات الإنسانية. ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، لم يُسمَح إلا لنحو 20% فقط من شاحنات المساعدات التي كان من المفترض أن تُدخل غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار بالدخول”.
تقرير أميركي: إسرائيل تنتهك اتفاق السلام في غزة.. والولايات المتحدة منشغلة .