لوائح عدة في الجنوب3: استفتاء الشيعة واستمالة المسيحي والسني

ADC517BC-158C-4FBF-A198-6ECAAF2C1DD4.jpg

بالرغم من أن الحراك الانتخابي في دائرة الجنوب الثالثة (النبطية وبنت جبيل ومرجعيون حاصبيا) ما زال يقتصر على الغرف الضيقة، إلا أن كل المؤشرات، من خلافات معلنة ومضمرة، تفيد أن هذه الدائرة لن تشهد تشكيل لائحة موحدة للقوى المعارضة للثنائي الشيعي. 

دائرة بلوائح متعددة

تميزت دائرة الجنوب الثالثة عن كل الدوائر المتبقية (15 دائرة انتخابية في لبنان) أنها كانت الوحيدة حيث تشكلت لائحتان متنافستان فقط لا غير في انتخابات العام 2022. فقوى الاعتراض المناهضة للأحزاب التقليدية، التي تعاقبت على السلطة، أو التغييريون، خاضوا الانتخابات حينها بأكثر من ثلاث أو أربع لوائح في لبنان، باستثناء الجنوب الثالثة، حيث جرى تشكيل لائحة ضمت كل الطيف المعارض. وتمكنت من خرق لائحة الثنائي الشيعي بمقعدين (الأرثوذكسي والدرزي في مرجعيون حاصبيا). لكن حالياً، وبالرغم من أن عجلة الماكينات الانتخابية لم تنطلق بعد، ستكون الدائرة أمام اختبار تشكيل ما لا يقل عن ثلاث لوائح في مواجهة لائحة الثنائي الشيعي (يشاع أن الثنائي حركة أمل وحزب الله، تماماً كما أشيع في العام 2018 والعام 2022، سيخوضان الانتخابات بلائحتين منفصلتين بالاتفاق بينهما لمنع الخرق، لكن هذا الأمر محض شائعات ولا مصلحة انتخابية لهما في هذا الخيار).   

مكامن خرق لائحة “الثنائي”

ميزة دائرة الجنوب الثالثة، تشبه تماماً دائرة البقاع الثالثة لناحية أن المكون الشيعي يشكل أكثر من 80 بالمئة من الأصوات، وسط ولاء غالب للثنائي الشيعي. لكن غلبة الصوت الشيعي في تحديد مصير مقاعد الدائرة، هي بمثابة “كعب أخيل” الثنائي الشيعي في اختراق حصونه. فتردد نسبة ولو ضئيلة بما لا يتجاوز 5بالمئة من الناخب الشيعي (الجمهور وليس المناصرون) للتصويت العقابي، جراء نتائج الحرب على لبنان، تشكل حاصلاً انتخابياً، للفوز بمقعد شيعي. لكن أمر اختراق الثنائي يتوقف أيضاً عند موعد الانتخابات، وإذا كانت ستجرى بعد تسليم السلاح أم قبله، ومعرفة مصير إعادة الإعمار، وهل تجرى الانتخابات في “ميغا سنتر” في بيروت أم لا، إضافة إلى تصويت المغتربين. 

في الجنوب الثالثة يكون الخرق بالمقاعد الشيعية تقنياً في بنت جبيل (تقنياً نسبة الصوت التفضيلي فيها أعلى من النبطية وثم مرجعيون)، لكن الأمر يتوقف على الصوت المسيحي. وهذا يرجح إيعاز حزب الله بتوزيع أصواته التفضيلية على باقي المرشحين الشيعية لمنع الاختراق، بخلاف ما فعل في العام 2022، حيث تقصد إظهار ضعف مرشحي حركة أمل (نال محمد رعد 48 ألف صوت تفضيلي مقابل 6 آلاف لناصر جابر وحسن فضل الله 43 ألف صوت مقابل 6 آلاف لأيوب حميد وعلي فياض 37 ألف صوت مقابل 13 ألفاً لعلي حسن خليل). وعليه تبقى الخاصرة الرخوة للائحة الثاني الشيعي في مرجعيون؛ أي في المقعد السني والأرثوذكسي والدرزي، ولا يستطيع حزب الله توزيع أصوات تفضيلية لتغطية أربعة مقاعد، حتى أن النائب قاسم هاشم كاد يخسر مقعده (نال 1200 صوت تفضيلي فقط). 

تحالف انتخابي واستفتاء سياسي

بيد أن إشكاليات القوى المعارضة متعددة ومتنوعة. تبدأ من تباين الاتجاهات السياسية للقوى اليسارية، ولا تنتهي عند محاولات “المعارضين الشيعية” لفرض نفسهم بالمعادلة، ولا حتى عند تنطح شخصيات تدور سياسياً في فلك الثنائي الشيعي، لتشكيل لوائح هدفها تشتيت الأصوات. 

في ظل الظروف السياسية الحالية، تشتت المعارضة يضعها أمام تكرار سيناريو العام 2018، عندما فاز الثنائي الشيعي بكل المقاعد. أما تكرار تجربة العام 2022 وفوز لائحة تيار التغيير بمقعدين، فدونه عقبات عدّة. 

تيار التغيير يرفض رفضاً قاطعاً إعادة ترشيح النائب إلياس جرادة، بسبب تماهيه سياسياً مع الثنائي الشيعي. في حين أنَّ الحزب الشيوعي يريد إعادة تبني ترشيحه. وهذا بالرغم من أن جرادة بات بمثابة معضلة كبيرة للشيوعي قبل غيره: جزء من الشيوعيين، على مستوى المنظمات الحزبية، يريد إعادة ترشيح جرادة، وقسم آخر يرفض الأمر رفضاً مطلقاً، فضلاً عن أن قسماً من الشيوعيين يميل إلى خيارات المعارضة المتمثلة بتيار التغيير، الذي يضم شيوعيون قدامى ويساريين ومستقلين. وهو ما يعني أن مساعي إعادة بناء تحالف انتخابي مثل العام 2022 صعب المنال. 

يبقى أن معضلة القوى المعارضة متمثلة بشقين. أولاً تشكيل لائحة لاستفتاء الناخب الشيعي على الخيارات السياسية المستقبلية للبلد، تمثل قطعاً مع خيارات الثنائي الشيعي، ولا سيما حزب الله. وثانياً الانفتاح على المكونين الأساسيين المسيحي والسنيّ. فعلى المستوى المسيحي تبرز القوات اللبنانية (لم تشارك اقتراعاً في العام 2022) ثم الكتائب اللبنانية (دعمت لائحة تيار التغيير)، وعلى المستوى السني يبرز تيار المستقبل، أو ما تبقى من إرث رفيق الحريري في المنطقة، إلى جانب الجماعة الإسلامية بحضور محدود. 

إمكان تلاقي جميع القوى مثل العام 2022 بات من الماضي، بالرغم من المحاولات والمساعي. في الانتخابات السابقة عقد تحالف انتخابي مصلحي على قاعد خرق لائحة الثنائي الشيعي. أما اليوم فالأرجح خوض الانتخابات كمعركة سياسية واستفتاء الجنوبيين على الخيارات السياسية. فيذهب الشيوعي مع جرادة إلى تشكيل لائحة على يسار حزب الله، ويذهب تيار التغيير، الذي يعيد ترشيح النائب فراس حمدان، إلى تشكيل لائحة بالتعاون مع المعارضة الشيعية (إذا أمكن) وإلى جانب المكونين المسيحي والسنّي.   

لوائح عدة في الجنوب3: استفتاء الشيعة واستمالة المسيحي والسني .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print