في أول محادثات مباشرة منذ عام 1993، عُقد أمس اجتماع لجنة “الميكانيزم” في الناقورة بحضور شخصيتين مدنيتين عن الجانبين اللبناني السفير السابق سيمون كرم والاسرائيلي اوري ريسنيك، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ليضفي جدية على معالجة النقاط الخلافية بين لبنان وإسرائيل.
فما هي حدود هذه المفاوضات، وهل تتحوّل لجنة “الميكانيزم” إلى لجنة تفاوض رسمية مع اسرائيل حول السلام ام تنتهي حدودها عند منع الاعتداءات الاسرائيلية وضمان انسحابها من التلال الخمس؟
مدير مركز المشرق للدراسات الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يؤكد لـ”المركزية” انها في موقع وسطي، فهي ليست مفاوضات سلام حتى الساعة، لكنها بالطبع أبعد من مفاوضات عسكرية”، مشيراً إلى أن “بمجرد ان ترأس الوفد مدني، أصبحنا أمام مفاوضات مباشرة برعاية أميركية. وهي كما قال رئيس الوزراء نواف سلام، لسنا في مفاوضات سلام ولكن في مفاوضات تشمل مواضيع عدة، عسكرية بالطبع، لكن أيضًا اقتصادية، كما قيل. وهنا تُطرَح أسئلة وعلامات استفهام حول اتفاق ترسيم الحدود البحرية الموقّع بين لبنان واسرائيل، وإطاره وموقعه من المفاوضات الجارية، وهل ستعيد اسرائيل النظر به كما جاء على لسان بعض الرسميين الاسرائيليين ومنهم وزير الدفاع؟ لننتظر ونرى. بالإضافة إلى الحديث عن منطقة اقتصادية حرة، حتى لو ان الفكرة ما لم تأخذ بُعدًا كبيرًا لكنها طُرِحت”.
وعن فرض اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية اسم السفير سيمون كرم في حين ان رئيس الجمهورية طرح اسم الدكتور بول سالم، يجيب: ” لا أظن أن الولايات المتحدة تدخل في لعبة الاسماء”، مؤكدًا ان “السفير كرم يعطي المفاوضات طابعا سياسيا أكثر منه أكاديمي. كما أن الولايات المتحدة الاميركية طالبت بمفاوضات مباشرة منذ اللحظة الاولى لوصول إدارة الرئيس دونالد ترامب الى البيت الأبيض، وبالتالي كي تكون هذه المفاوضات مباشرة وتتناسق مع المطلب الأميركي يجب أن يكون على رأسها شخصية سياسية”.
وعن اعتراض “حزب الله” على المفاوضات المباشرة رغم موافقة رئيس المجلس النيابي نبيه بري على تعيين السفير كرم، يجيب: “حزب الله يعترض لأنه لطالما كان رافضاً لأي شكل من أشكال المفاوضات، وبالتالي هو يمتصّ الغضب الشعبي او يستوعب التراجع الذي قام به. فهل سيرفض ويواجه بشراسة هذه المفاوضات؟ عندها سيصطدم مع قرار الشرعية اللبنانية وسيؤدي إلى خلاف مع الرئيس بري في حال استمر هذا الأخير بالدعم”.
ويضيف: “في كل الأحوال، هذه المفاوضات خفضت “مومنتوم” التصعيد العسكري لأن لبنان كان يسير بسرعة هائلة في مسار تصاعدي وعلى وشك حرب. بالطبع هذه الخطوة لا تلغي إمكانية حصول حرب لأن موضوع نزع السلاح مهم، وجلسة الأمس كانت واضحة بأنه ضرورة وشرط مؤسس ومطلب وبالتالي ما هي الخيارات التي يملكها حزب الله او ما هو البديل الذي يطرحه؟ المقاومة؟ هذا الخيار لا يحظى بقبول لبناني بل ويُواجه أيضًا برفض دولي، وبالتالي هذا يفتح الطريق ويعطي ذريعة لاسرائيل لتوسعة في الحرب”.
هل كانت زيارة البابا سياسية وأحد مفاعيلها تعيين مفاوض مدني؟ يجيب: “في آخر محطة له قبل مغادرته لبنان، وجّه البابا رسالة سياسية حول حصرية السلاح، وللمرة الثانية يقول بأن التقاطع والتوافق العالمي -العربي -الداخلي حول مركزية وضرورة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. هذا لم يأتِ مع البابا، بل هو من ضمن دبلوماسية الفاتيكان التي دعمت هذا التوجّه الذي أصبح توجهًا أمميا، ولم يبق إلا حزب الله وايران يقفان معارضَين”.
ويشدد نادر على ان “الطرف اللبناني أمام فرصة أخيرة يقدمها الوسيط الاميركي، ومؤلفة من بندَين: حصرية السلاح والمفاوضات المباشرة”. في عملية حصر السلاح هناك تأخير، أما في المفاوضات المباشرة فقد قامت الدولة بخطوة تُعتبَر ضرورية لكن غير كافية، لأن حتمية حصرية السلاح شرط أساسي كي يتمكن لبنان من تجنب مفاعيل الحرب. ولذلك، لبنان امام حتميتين: حتمية حصرية السلاح وهذا ما يشكل خلاصًا للبنان وانتصارًا للدولة اللبنانية ويعود على الاقل الى إطار اتفاق الـ49 أو 49 + زائد، أو حتمية الحرب، ولا خيار بين الاثنين. عملية اللعب بالوقت او خيار الـ”نص -نص” غير مقبول، والتمييع والتسويات الظرفية لم تعد ممكنة”.
لبنان أمام خياري حصرية السلاح أو حتمية الحرب! .