يمكن القول بأن تغييرا لابد انه إيجابي للبنان، طرأ على عمل لجنة «الميكانيزم»، ويلتقي مع طرح رئيس الجمهورية العماد جوزف عون بالتفاوض غير المباشر مع إسرائيل. ولو ان الجميع يعرف ان الطريقة الإسرائيلية تقوم على تفاوض «تحت النار». الا ان الطرح اللبناني لقي صداه أميركيا على الأقل، نتيجة جهود ديبلوماسية بذلها رئيس الجمهورية، لتفعيل إطار يخفف من الاندفاعة الإسرائيلية في استهداف لبنان وعدم التقيد بمضمون اتفاق وقف إطلاق النار.
توازيا، أعلن ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أن «رئيس الوزراء الإسرائيلي كلف بإيفاد فريق إسرائيلي للقاء مع مسؤولين حكوميين لبنانيين»، لافتا إلى أن «تكليف وفد بلقاء مسؤولين لبنانيين محاولة أولى لترسيخ أسس العلاقات الاقتصادية بين الطرفين».
وقال إعلام إسرائيلي إن أوري رزنيك عضو مجلس الأمن القومي سيرأس وفد إسرائيل مقابل ممثل لبنان (السفير السابق المحامي) سيمون كرم.
وفي أبرز التعليقات الداخلية على الخطوة اللبنانية، كتب رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل على منصة «إكس»: «كل الترحيب بقرار رئيس الجمهورية الاستفادة من خبرة السفير سيمون كرم لترؤس الوفد اللبناني إلى لجنة الميكانيزم. وأملنا أن يستكمل هذا الإجراء بخطوات تسريع بسط سيادة الدولة، حصر السلاح، وحماية لبنان من أي اعتداء».
الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، كتب عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي: «لقد نجح البابا ليو الرابع عشر في التأكيد على أسس الحوار والمحبة والسلام بعيدا عن رسل الشؤم والتنظير والحرب من كل حدب وصوب».
وقال مصدر رفيع لـ«الأنباء»: «معروف عن السفير كرم صلابة الموقف، وهو عمل سفيرا لوقت قصير مطلع التسعينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأميركية وقبلها محافظا للبقاع، ثم للعاصمة بيروت من دون ان يستمر طويلا في هذا الموقع».
وتابع المصدر: «السفير كرم الذي تولى مناصب ديبلوماسية وإدارية لم يمكث فيها طويلا، لانه كان يرفض الإملاءات ويعبر عن مواقفه بصراحة مستفزة أحيانا، من دون الأخذ في الاعتبار ردات الفعل، كما حصل أخيرا حيث أدى موقفه من الحرب الإسرائيلية الموسعة على لبنان، في احتفال لإحياء ذكرى النائب السابق حبيب صادق، إلى استفزاز اليساريين وانصار «حزب الله»، ودفعهم إلى مغادرة قاعة الاحتفال في الحركة الثقافية في انطلياس».
وأضاف المصدر: «يساهم الموقف اللبناني بالبدء بنقاش سياسي من خلال لجنة الإشراف على وقف النار، في تبريد الاجواء السياسية في لحظة حرجة تعيش فيها البلاد حالة الخوف من الوقوع تحت وطأة الحرب مجددا، خصوصا ان كل الرسائل والإشارات الدولية التي تبلغها المسؤولون، أكدت ان استمرار المراوحة ليس في مصلحة لبنان على الإطلاق، وبالتالي فإن هذه الخطوة ستبدد أجواء التوتر ولو مرحليا، في انتظار ما ستؤول اليه نتائج المفاوضات».
وذكر المصدر الرسمي «ان الجانب الإسرائيلي قد تلقى إشعارا مسبقا بهذا الأمر ولم يعترض عليه، وذلك خلال الاجتماعات الحاسمة التي عقدتها الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين في تل أبيب، والتي قضت بحسب المصدر الرسمي، إلى إعطاء فرصة حتى نهاية المهلة الزمنية المعطاة للبنان وهي آخر شهر ديسمبر الحالي لمعالجة موضوع السلاح».
وفي مجال آخر، فإن بدء التفاوض عبر لجنة «الميكانيزم»، وان كان يبعد شبح الحرب مؤقتا، الا انه لن يوقف التصعيد الإسرائيلي، والذي وفق المصادر المطلعة سيركز في الأسابيع المقبلة على استهداف مسؤولين في «حزب الله» تتهمهم حكومة نتنياهو بالعمل على إعادة البنى التحتية العسكرية «للحزب»، مشيرة إلى ان الضغوط الدولية على إسرائيل لمنع التصعيد في غزة وسورية، لتجنب عرقلة مشاريع الاتفاق التي يجري العمل عليها، لا تنسحب على الجبهة اللبنانية.
خرق إيجابي بالمضي نحو التفاوض المدني مع إسرائيل ولو «تحت النار» .