الرئيس جوزاف عون.. حين تتحول اللحظة إلى إنجاز وطني

WhatsApp-Image-2025-12-02-at-11.46.02-PM

أنجز الرئيس جوزاف عون المهمة قبل الإعصار، وضع الدولة على سكة جديدة وأثبت أنّ الرئاسة يمكن أن تكون نقطة ارتكاز لا نقطة ضعف، وأنّ لبنان قادر على التقاط الفرص كلما وُجد من يحسن إدارتها

ثلاثة أيام فقط من عمر لبنان وولاية الرئيس جوزيف عون كانت كافية لتقديم نموذج لما يجب أن تكون عليه الأشهر والسنوات المقبلة. في هذه الفترة القصيرة، نجح الرئيس في اختبار هو الأصعب منذ تسلّمه المسؤولية: استقبال الحبر الأعظم في زيارة حملت رمزية كبرى، ورسائل سياسية وأمنية ودبلوماسية تتجاوز حدود البروتوكول.

جوزيف عون ربح رهان استقبال لبنان للحبر الأعظم. فالرهان لم يكن على الصورة وحدها، بل على قدرة الدولة على استعادة موقعها الطبيعي كضامن للاستقرار، وكمركز ثقة دولية لا يزال ممكناً البناء عليه. وجود رأس الكنيسة الكاثوليكية في بيروت في هذا التوقيت الدقيق كان بمثابة مظلة حماية معنوية وسياسية للبنان، ورسالة بأن هذا البلد، رغم أزماته القاسية، ما زال يمتلك فرصة للعودة إلى الخارطة.

منذ اللحظة الأولى، بدا أن الدولة استعادت شيئاً من حضورها. المشهد الحضاري الذي رافق الزيارة لم يكن تفصيلاً. كان بمثابة إعلان عن قدرة المؤسسات، إذا توفرت الإرادة، على العمل بانسجام وفعالية. الأجهزة الأمنية والعسكرية أدّت دورها على أعلى مستوى، والوزارات المعنية نفّذت خطتها بدقة، فيما ظهر الرئيس جوزيف عون كأنه يمهّد لمرحلة جديدة عنوانها التنظيم، الجدية، والانتقال من إدارة المأزق إلى الاستثمار في الاستقرار.

الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس. مواقف الحبر الأعظم، ببعدَيها الوجداني والرمزي، شكّلت دعماً مباشراً للبنان الرسالة، ولموقع الدولة تحديداً. أما بُعدها السياسي، فكان واضحاً في تأكيده على رفض ثقافة العنف، وعلى ضرورة حماية المؤسسات الشرعية، وعلى دور لبنان في الحوار والعيش المشترك. هذه الرسائل لم تكن لتُقال لولا أن الظروف سمحت بالثقة بمن يستقبلها وبمن يترجمها.

ستساعد الزيارة على رفد موقف الدولة بمناعة كانت مهددة بالتآكل بفعل نتائج الحرب، وبتفكك الجبهة الداخلية، وبمحاولات الدفع نحو الفوضى. الصورة التي ظهرت في الأيام الثلاثة الأخيرة كانت عكس ذلك تماماً: دولة تعرف ماذا تريد، ورئيس يمسك بزمام اللحظة، وقدرة على تحويل حدث بروتوكولي إلى منصة سياسية تعيد ترتيب الأولويات.

قد لا تكون زيارة واحدة كافية لتغيير الواقع، لكن المؤكد أن الرئيس جوزيف عون أنجز المهمة قبل الإعصار. وضع الدولة على سكة جديدة، وأثبت أن الرئاسة يمكن أن تكون نقطة ارتكاز لا نقطة ضعف، وأن لبنان قادر على التقاط الفرص كلما وُجد من يحسن إدارتها.

الرئيس جوزاف عون.. حين تتحول اللحظة إلى إنجاز وطني .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print