قانون الفجوة المالية يقترب من مجلس الوزراء والخلافات تنذر بتعطيله في البرلمان

4مصرف-لبنان

يقترب مشروع قانون استرداد الودائع من لحظة الحسم التشريعي بعد أسابيع من العمل المضني داخل اللجنة الوزارية التي يرأسها رئيس الحكومة نواف سلام، مستندا إلى قاعدة بيانات مالية شاملة وفرها مصرف لبنان، وإلى صياغات قانونية تولاها فريق من المستشارين لضمان توافق سياسي وتقني ضمني على متن المشروع.

وتؤشر المعطيات المتداولة إلى إمكانية إنجاز الصياغة النهائية خلال أسبوعين على الأكثر، في محاولة حكومية لتمرير القانون قبل نهاية السنة وإحالته إلى مجلس النواب، استكمالا لـ «ثلاثية» الإصلاح المطلوبة دوليا وهي استرداد الودائع، تعديل السرية المصرفية، وإصلاح المصارف.

وقال مصدر وزاري لـ «الأنباء»: «مسار القانون على الرغم من تقدمه الشكلي، لا يزال محاطا بتعقيدات كبيرة تجعل فرص إقراره قريبا محدودة. فالمسار النيابي المنتظر يتقدم وسط تباينات حادة بين الدولة والمصرف المركزي والجهاز المصرفي والمودعين، في ظل خشية الكتل النيابية من أي خطوة قد تغضب مئات آلاف المودعين الذين تكبدوا خسائر مباشرة وغير مباشرة طوال سنوات الأزمة».

وأشار المصدر إلى أن «الجهد الحكومي في هذه المرحلة يقتصر على توجيه رسالة جدية إلى الداخل والخارج، لأن الأسئلة الجوهرية ستظهر بشكل أوضح عند وصول المشروع إلى البرلمان، خصوصا ما يتعلق بالتعريف النهائي لطبيعة الأزمة النظامية التي تطال الدولة والمركزي والمصارف في آن واحد».

وأضاف المصدر «الإشكاليات الحقيقية ستبرز عند الدخول في تفاصيل الفجوة المقدرة بنحو 73 مليار دولار، إذ ستشتعل الخلافات حول كيفية توزيع الخسائر ونسب تحمل الأطراف المختلفة، وحول تصنيف توظيفات المصارف لدى المصرف المركزي، وآليات التدقيق في مشروعية الودائع، وفصل الأموال غير المشروعة التي قد تصل إلى 30 مليار دولار، وتحديد الفوائد القابلة للشطب. وكل بند من هذه البنود يحمل بذور نزاع سياسي ومؤسساتي كفيل بعرقلة أي توافق».

ولفت المصدر إلى أن «الأزمة لا تقتصر على المصارف والمصرف المركزي فقط، بل تتصل مباشرة بمسؤولية الدولة نفسها، خصوصا فيما يتعلق ببند الدين المدرج في ميزانية المركزي والبالغ 16.5 مليار دولار. وهناك توجه لتسوية وشيكة بين الدولة والمركزي على أساس المادة 113 من قانون النقد والتسليف، التي تلزم الخزينة بتغطية خسائر المصرف المركزي في حال غياب الاحتياط العام. وهذه الخطوة، إن تمت، ستفتح نقاشا واسعا حول الدين العام، ومسؤولية الحكومات المتعاقبة، وكلفة نقل الأزمة إلى الأجيال المقبلة».

وأوضح المصدر أن «طرح المشروع في هذا الظرف السياسي لا يقل حساسية عن مضمونه. فالانتخابات النيابية المقررة في الربيع المقبل تضغط على كل الحسابات، وترجح تأجيل البت التشريعي إلى ما بعد هذا الاستحقاق، سواء أنجزت الانتخابات أو تعثرت ومدد للمجلس الحالي بسبب الخلافات على قانون الانتخاب وحقوق المغتربين. والقوى السياسية لن تغامر بتحمل أكلاف شعبية في ملف بهذه الحساسية قبل الانتخابات».

وكشف المصدر أن «الإشكال الأكبر في المضمون يكمن في التصنيف القانوني والمالي لما يقارب 80 مليار دولار من توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان، مقابل ودائع دفترية بالقيمة نفسها تقريبا موزعة على نحو مليون حساب. ويعتبر أن هذه المعادلة الرقمية تظهر أن الحل يتطلب اعترافا كاملا بانهيار النموذج المالي برمته، والبحث عن صيغة عادلة لتوزيع الخسائر بعيدا من الحلول التقنية المجتزأة أو الطروحات الشعبوية».

ولفت المصدر إلى ان «جمعية المصارف لاتزال تتمسك بموقفها القائل إن تحميلها وحدها مسؤولية الانهيار، هو ظلم وتجاهل لحقائق أساسية تتعلق بسياسات الدولة والمصرف المركزي، والجمعية تعتبر أن دورها في مناقشة القوانين يبقى استشاريا، وأن استبعادها من الشراكة الفعلية يعرقل إيجاد حلول قابلة للتطبيق. والمصارف تطلب إعادة النظر في آلية التعاطي معها وفتح المجال أمام تعاون فعال لإنقاذ القطاع، لأن انهياره الكامل سيقضي على أي فرصة للتعافي الاقتصادي».

وقال المصدر ان «صندوق النقد يصر على أن جذور الأزمة تعود إلى قرارات المصارف التجارية وتوسعها في الإقراض للمركزي، بينما تتبنى حاكمية المصرف المركزي مقاربة المسؤولية المشتركة بين الدولة والمصارف والمركزي، مع التشديد على ضرورة عزل الودائع غير المشروعة قبل تحديد آليات السداد».

وختم أن لبنان يقف أمام اختبار بالغ الحساسية، فمشروع قانون الفجوة هو معيار لجدية الدولة في الاعتراف بحجم الانهيار واعتماد مقاربة عادلة لتوزيع الخسائر. وبين الانقسام السياسي، والخشية النيابية، ودفاع المصارف عن بقائها، ومرارة المودعين، يبقى الخطر الأكبر أن يتحول المشروع إلى خطوة شكلية بلا تنفيذ، فيما الفجوة الحقيقية تتسع على حساب ما تبقى من بنية الدولة والمجتمع.

قانون الفجوة المالية يقترب من مجلس الوزراء والخلافات تنذر بتعطيله في البرلمان .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print