عدم دعوة جعجع “دعسة ناقصة”

WhatsAppImage20251130at17.29.10_5d05d797_092032_large

زيارة البابا يفترض أن تكون مناسبة للمصالحة، وكان ممكناً تخطي البروتوكول فيها إذ يحق لصاحب الدعوة، كما للشاعر، ما لا يحق لغيره. 

كشفت النائبة ستريدا جعجع أنّ رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع لم يُدع للمشاركة في مراسم استقبال البابا لاوون الرابع عشر، معلّقةً على ذلك بقولها: “استغربنا”.

وكانت صفحات تناقلت تصريحاً منسوباً الى مصدر في رئاسة الجمهورية يقول فيه “إن عدم دعوة الدكتور سمير جعجع الى حفل استقبال قداسة البابا لاوون في قصر بعبدا مردّه الى عدم دعوة رؤساء الأحزاب، بل كانت الدعوة موجهة الى الوزراء والنواب الحاليين”.

في البروتوكول، يجوز الأمر، لأن ثمة احزاب كثيرة في لبنان، وأغلبها مجهول الهوية، متقلب الانتماء، غير واضح الولاء، ولا يضم منتسبين اكثر من هيئته التأسيسية او الادارية الحالية. حتى ان اسماء الهيئة الادارية تبدو نفسها من ولاية الى أخرى مع تبديل شكلي في المواقع والمهمات.

لكن الاحزاب ليست موضوعنا في هذه العجالة، وانما غياب سمير جعجع، وربما أيضا سليمان فرنجية. ان تقام مراسم استقبال للبابا في لبنان ولا يدعى اليها اثنان من القيادات المسيحية – المارونية البارزة لأمر مستغرب، في المضمون، وليس فقط في الشكل. فالبابا ليس فقط رئيس دولة وانما زعيم المسيحيين الكاثوليك في العالم، وزيارته كنسية اكثر منها سياسية، وتستهدف الجماعة المسيحية. ان يحضر اللقاء مع البابا نواب يجلسون الى طاولة جعجع وفرنجية ويأتمران بهما، لأمر مستهجن. كثيرون من المدعوين ليسوا أصحاب صفة مستحقة، ولا شك ان ثمة استنسابات في اختيار واحد دون الاخر في نفس الموقع والمرتبة، ما يعني انه يمكن تجاوز البروتوكول، ليس دفاعاً عن سمير جعجع في ذاته، وانما عن الرئاسة،  وعن الزيارة، وما تستوجبه تلك الزيارة.

العلاقة بين رئاسة الجمهورية وحزب “القوات اللبنانية” ليست على ما يرام. وقد انتقد رئيس الجمهورية جوزف عون ضمناً حزب “القوات” بالوشاية عليه في الولايات المتحدة الاميركية، وعلى قائد الجيش، لدفع المؤسسة العسكرية الى مواجهة مع الاهالي في غير منطقة من لبنان. ويبدو ان البروتوكول استهدف “القوات” ورئيسه بطريقة مباشرة، تحت عناوين مختلفة، غير مبررة على الاطلاق، لأنها لا ترقى الى مستوى لقاء البابا، ودعوته الى المصالحة والسلام، حتى اننا بتنا على استعداد للتفاوض مع اسرائيل، والمصالحة مع النظام السوري الجديد الآتي من حضن التكفيريين، لكننا غير قادرين على تجاوز عقد الماضي الذي لا يزال يتحكّم بمصائرنا. هكذا هو المشهد الدائم بين “القوات” و”التيار الوطني الحر” مثلاً. الحروب عندنا، والمصالحات والتفاهمات، غير مبنية على مبادىء. جلّ ما في الأمر انها مبنية على مصالح شخصية وطموحات غالباً ما لا تتحقق، وتعمق الاحتقان والتباعد.

عودة الى الموضوع، ان عدم دعوة جعجع، الزعيم المسيحي الذي يصف نفسه بالأول من حيث عدد المؤيدين والمقترعين للوائحه في الانتخابات، في الداخل والخارج، تعتبر دعسة سياسية ناقصة، تسيء الى العهد، اكثر مما تعاقب جعجع، اذ يمكن الاخير ان يستفيد منها لتوجيه الأنظار الى “الاضطهاد” الذي يلاحقه باستمرار ويدعي انه بناء لارادة “حزب الله”. عدم دعوة جعجع تفيده اكثر مما تضر بصورته.
وبعيداً عن كل الحملات التي ستنطلق، وبانت طلائعها، فان زيارة البابا يفترض ان تكون مناسبة للمصالحة، وكان ممكناً تخطي البروتوكول فيها اذ يحق لصاحب الدعوة، كما للشاعر، ما لا يحق لغيره.

عدم دعوة جعجع “دعسة ناقصة” .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print