أعاد مرفأ جونية رسم المشهد البحري في لبنان بعد افتتاحه رسميًا في أيلول الماضي، معيدًا معه ذاكرة الحركة السياحية التي لطالما ميّزت الساحل الكسرواني. وبين الجهوزية اللوجستية التي بات يمتلكها المرفأ واتضاح مسار تشغيل الخط البحري إلى قبرص، تفتح المرحلة المقبلة بابًا واسعًا أمام عودة السفر البحري من لبنان وإليه، بعدما غاب هذا الشكل من النقل لسنوات طويلة.
وأكدت مصادر خاصة في وزارة الأشغال العامة والنقل لموقع mtv أنّ مشروع إعادة تشغيل مرفأ جونية وُضع على السكة الصحيحة، بعد تأمين التمويل اللازم عبر منحة قدّمتها جمعية جورج إفرام، إضافة إلى مساهمات من مرفأ طرابلس أُقرّت عبر مجلس الوزراء. وقد شكّلت هذه الأموال قاعدة أساسيّة لاستكمال الجهوزية التشغيلية للمرفأ، بما يشمل تحديث البنى التحتية وتعزيز معايير السلامة وتطوير الخدمات اللوجستية الضرورية لاستقبال الركاب والسفن.
وتشير المصادر إلى أنّ تشغيل الخط البحري الجديد بين جونية وقبرص يعتمد إلى حدّ كبير على مبادرات القطاع الخاص، بدعم كامل من السلطات اللبنانية والقبرصية. وتعمل الجهات المعنية حاليًا على معالجة ما تبقّى من تحديات لوجستية وإدارية، لضمان انطلاق الرحلات بصورة منتظمة وآمنة، خصوصًا أن الجانب القبرصي أبدى تجاوبًا واضحًا لدعم هذا المسار.
ويمنح الموقع الجغرافي الحيوي لجونية المشروع قيمة مضافة، إلى جانب وجود جالية لبنانية كبيرة في قبرص، ما يعزز الحاجة إلى خط بحري مباشر بين البلدين. كما أنّ مدة الرحلة التي تتراوح بين 3 و4 ساعات تشكّل عامل جذب إضافيًا، يفتح الباب أمام تنشيط السياحة البحرية وزيادة حركة الركّاب والسفن وخلق فرص جديدة للقطاع السياحي.
وترى مصادر وزارة الأشغال أنّ إعادة فتح مرفأ جونية لا تُعتبر فقط خطوة تشغيلية، بل محطة استراتيجية لإحياء قطاع السياحة البحرية في لبنان وفتح آفاق واسعة للاستثمار السياحي والتجاري. ومع ذلك، يبقى نجاح المشروع عمليًا مرتبطًا بتكامل الجهود بين القطاع الخاص والسلطات اللبنانية والقبرصية، إضافة إلى التزام شركات السياحة بتسيير خطوط منتظمة عبر المرفأ، بما يضمن استدامة الحركة البحرية وتحويل المشروع إلى نقطة وصل دائمة بين لبنان وقبرص.
يقف اليوم مرفأ جونية على عتبة مرحلة جديدة قد تعيد للبنان بعضًا من بريقه البحري المفقود. ومع أول سفينة ستُقلِع نحو قبرص، ستُبحر معها آمال اللبنانيين بعودة وجهٍ آخر من الحركة، والانفتاح، والعبور إلى العالم.
مرفأ جونية يعود… وقبرص الوجهة الأولى؟ .