إستراتيجية نتنياهو في لبنان وغزة… الحرب الأبدية كخيار سياسي

download-42

تكشف عملية اغتيال رئيس أركان «حزب الله» علي طبطبائي في لبنان، والاستمرار في العمليات العسكرية في قطاع غزة، عن تحول جوهري في الإستراتيجية الأمنية الإسرائيلية تحت قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث تتحول الحرب الدائمة إلى خيار سياسي تستخدمه الحكومة لتحقيق أهداف داخلية وخارجية، وفق تحليل معمق لكبار قادة الجيش والمتخصصين.

ويُحلل اللواء تمير هايمن، رئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ورئيس الاستخبارات العسكرية السابق، في مقاله لـ «N12» دوافع اغتيال طبطبائي، قائلاً «إنه رجلٌ جعله ماضيه المجيد هدفاً مهما، والأهم من ذلك – أن هذا يُحبط تهديداً إستراتيجياً ناشئاً».

ويضيف «نحن في وضع تُجري فيه إسرائيل تصعيداً مدروساً ضد لبنان وحزب الله. وهي لا تفعل ذلك لمجرد أنها تشعر بذلك، بل لأن حزب الله في طور استعادة قوته».

ويكشف الخبير الاستخباري أن «إسرائيل تُرسل رسالة واضحة للطرف الآخر: إذا لم يكن هناك إجراء فعّال من جانب الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله، كما نريد، فلن نتردد في مواصلة التصعيد».

ويؤكد هايمن أن «بعد السابع من أكتوبر، لم تعد إسرائيل تمارس سياسة الاحتواء، ولن تسمح لحزب الله بالعودة إلى حجمه الهائل».

ويكشف تسفي برئيل في تحليل عسكري لصحيفة «هآرتس» الأبعاد السياسية لاستمرار الحرب، قائلاً «لقد مرت فترة طويلة منذ سمع تعبير النصر المطلق. هذا التعبير المثير، الذي تحول من مجرد قول إلى أحد مبادئ الإيمان، تلاشى كلياً».

ويكشف أن «الهدف هو السيطرة الكاملة على وعي المواطنين بضرورة الحرب»، مضيفاً «تعويد الجمهور على وضع تكون فيه الحرب الدائمة ضرورة وجودية، هو أمر حيوي للنظام، ليس فقط لتنمية والحفاظ على الخوف الذي سيبعد أي فكرة من أجل استبداله».

ويحلل برئيل أهداف الحرب في غزة التي لم تتحقق، قائلاً «في البداية حددوا ثلاثة أهداف لها: القضاء على البنية التحتية العسكرية لحماس، إبعادها عن الحكم في غزة، وإعداد الظروف لإعادة المخطوفين».

ويضيف «باستثناء إعادة المخطوفين، الهدف الذي عانى من المماطلة والإفشال المتعمد، فإنه لم يتحقق أي هدف آخر، ليس لأنه كان من المستحيل تحقيقه».

ويكشف أن «حماس مازالت تسيطر على نصف القطاع تقريباً، وهي تستعيد قوتها العسكرية بالتدريج، والقوة متعددة الجنسية مازالت فكرة نظرية».

ويشير هايمن، من جانبه، إلى أن «حزب الله لم يعد – التنظيم الإرهابي – نفسه الذي كان عليه قبل الحرب. لقد دمرت إسرائيل العديد من منظوماته الإستراتيجية، ودمرت قدرته على شن غارة واسعة النطاق على الجليل بشكل شبه كامل».

لكنه يحذر بأن «حزب الله لم يُهزم التنظيم، فكل قائد يُقتل لديه بديل، حتى وإن لم يكن بمستواه، ولايزال حزب الله يمتلك صواريخ وقذائف وطائرات مسيرة قادرة على ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية».

من جانبه، يتساءل برئيل «إلى متى تستمر الحرب؟ إذا كان الهدف هو جمع كل صاروخ وقذيفة ورشاش ومسدس وقنبلة توجد في يد حزب الله فإن المضمون هو أن تستمر الحرب إلى الأبد».

ويحذر من أن «المجتمع الخائف والمذعور يمنح النظام الشرعية والقوة لإحداث تغييرات عميقة في صورته واقتلاع قيمه وسحق أسس الدولة».

ويخلص التحليل إلى استنتاجات عدة أهمها، تحول في العقيدة الأمنية، انتقلت إسرائيل من سياسة الاحتواء إلى التصعيد المدروس، مع تركيز على الضربات الاستهدافية للقادة.

استخدام الحرب كأداة سياسية: تحولت الحرب الدائمة إلى آلية للسيطرة على الوعي الجماهيري الإسرائيلي وترسيخ شرعية النظام.

ويختتم برئيل تحليله بالقول: «المعركة على رسم ملامح اليوم التالي – التي وعدت بحساب طويل وحاسم لمنفذي الدمار – استبدلت في إسرائيل بضبط النفس والخضوع. وهذه القيم ستبقى لأننا في حالة حرب».

هكذا تظهر إسرائيل تحت قيادة نتنياهو وكأنها تختار طريق الحرب الدائمة، لأن النصر المطلق قد يعني نهاية النظام القائم وبداية مرحلة جديدة تتطلب محاسبة سياسية وتغييرات جذرية في بنية الحكم في هذه الدولة التي أصبحت منبوذة وموسومة بارتكاب جرائم حرب.

إستراتيجية نتنياهو في لبنان وغزة… الحرب الأبدية كخيار سياسي .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print