إسرائيل وتغذية الحرب الأهلية: “طائفٌ سوري” لحماية الوحدة

E35F10CD-AA2B-4AB1-8213-785E2923DB3C.jpg

لم تكن زيارة المسؤول الأمني في نظام بشار الأسد كمال الحسن إلى إسرائيل في بداية شهر كانون الأول هي الزيارة الاولى إلى تل أبيب، بل سبقتها زيارة أخرى في شهر أيلول الفائت، من ضمن تحركات يقوم بها ضباط محسوبون على نظام بشار الأسد يسعون للحصول على دعم خارجي بهدف إعلان منطقة الساحل إقليم مستقل بذاته. يومها حصلت زيارة كمال الحسن بطائرة خاصة، علماً أنه الشخصية التي تحتوي على كل الداتا المعلوماتية الكاملة عن آل الأسد وهو الذي عمل على إخراج هذه المعلومات معه إلى روسيا. كانت الزيارة إلى إسرائيل بعد أشهر على مجازر الساحل والتي وقعت في شهر آذار الفائت، وجاءت بعد محاولات من قبل ضباط محسوبين على الأسد للقيام بتحرك إنفصالي أيضاً. 

حركة تسلح في الساحل

لم تكن التسريبات اليومية حول حوادث أمنية في دمشق أو القصر الجمهوري ولا الحديث عن حصول عمليات اغتيال تطال شخصيات قريبة من الرئيس أحمد الشرع بالتسريبات العبثية، فعادة عندما تتكاثر مثل هذه الأخبار الأمنية غالباً ما يكون هدفها التغطية على شيء ما يتم تحضيره. وفي هذا السياق، تتوارد الأخبار والمعلومات التي تتحدث عن التحضير لتحركات جديدة في الساحل السوري في المرحلة المقبلة، ولكن هذه المرة لن تكون تحركات سلمية، بل قد يتخللها عمل عسكري في محاولة لإخراج القوات التابعة لدمشق من مناطق الساحل، وإعلان المنطقة إقليماً ذاتياً. وبحسب ما تتحدث المعلومات فإن حركة تسلح كبيرة حصلت في الساحل خلال الفترة الماضية، كما أن هناك مجموعات تحتفظ بالكثير من الأسلحة التي كانت معها منذ ما قبل سقوط بشار الأسد. 

تنسيق ثلاثي

يبقى الخوف قائماً من حصول تطورات دموية في سوريا، وهذا ما قد يعيد إنتاج مخاطر الحرب الأهلية واندلاعها في ظل الانسداد السياسي، بينما في المقابل تبرز جهود دولية كثيرة تسعى إلى تثبيت الاستقرار في سوريا، وهو ما يسعى إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلال إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بإبرام اتفاق مع دمشق. عملياً، قد تدفع الضغوط الأميركية إسرائيل إلى خفض تصعيدها ضد سوريا والدخول في مفاوضات، ولكن هذا لا يبدو أنه سيكون كافياً في حال استمرت الأزمة الداخلية، سواء في الساحل، أو شمال شرق سوريا، أو السويداء. وسط معلومات أصبحت مؤكدة عن حصول تنسيق بين المكونات الثلاث في هذه المناطق للاتفاق على مطالب محددة، إما الفيدرالية أو اللامركزية الموسعة السياسية والمالية وليس الإدارية فقط. 

إسرائيل والاستثمار في الأقليات

خلال لقائه ترامب، قال نتنياهو إن إسرائيل تريد حدوداً آمنة مع سوريا، وأن توفر الحماية للدروز والمسيحيين، أي للأقليات، وهذا ما يعني أن أي تأزم سوري داخلي سيدفع إسرائيل إلى استغلاله أكثر تحت شعار حماية الأقليات، وهو ما يدفع إلى الخوف من حصول تحركات منسقة ومتزامنة في المرحلة المقبلة لإعادة تغيير الوقائع، وفرض توازنات جديدة، لا سيما في حال حصلت التحركات بشكل متزامن من الجنوب، والشمال الشرقي والساحل، لأجل إضعاف سلطة دمشق وتشتيت قوتها وفرض أمر واقع معين. 

سقوط سايكس- بيكو

في العام 2016 وخلال لقاء مع ديبلوماسي أوروبي معني بملفات المنطقة وبسوريا بالتحديد، وفي ظل معركة حلب، قال الرجل بوضوح: “لو بقيت سوريا كما كانت أيام الجنرال غورو، لما حصل كل ما تشهده هذه الأيام”. ويعتبر أن الحلّ للأزمة السورية لن يكون في ما بعد إلا وفق هذه القاعدة، لكن بالإطار السياسي الدولتي القائم؛ أي إعادة إنتاج الفيدراليات أو الدويلات على أساس عرقي أو طائفي. وقبل فترة أعلن الأميركيون على لسان مبعوثهم سقوط سايكس- بيكو وإعادة فتح التواصل السياسي والاقتصادي التركي الخليجي انطلاقاً من سوريا. سقوط سايكس- بيكو لا يروق لدول كثيرة ولا سيما دول أوروبية تعمل على التواصل مع جهات عديدة في سوريا وتعلن دوماً حمايتها للأقليات. وهذا ما سيكون قابلاً للتجدد في أي لحظة، بميدان الصراع، بينما الدول التي أعلنت أيام بشار الأسد أنها تتمسك بالحفاظ على وحدة سوريا في مواجهة “سوريا المفيدة”، فستبقى على رفضها لنموذج “غورو”، ما قد يدفع إلى تقديم طروحات سياسية جديدة حول نظام الحكم، وكيفية توزيع الصلاحيات التي يمكن تحويلها إلى مجلس الوزراء، والبحث في التوزيع الطائفي للرئاسات مع اعتماد اللامركزية التي لا تتسبب بأي تقسيم أو تهديد للكيان، أي ما يعني انتاج نموذج يمكن وصفه بـ”الطائف السوري”. 

إسرائيل وتغذية الحرب الأهلية: “طائفٌ سوري” لحماية الوحدة .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print