نشر مركز ألما للدراسات الإسرائيلي مقالاً تحليلاً للباحثة زوي ليفورنك، تطرق إلى تكثيف حزب الله وحركة أمل استعداداتهما للانتخابات النيابية اللبنانية المقرّرة مبدئيًا في أيار 2026، في خطوة تعكس إدراكًا مبكرًا لحساسية الاستحقاق المقبل وتداعياته المحتملة على ميزان القوى الداخلي في لبنان.
ووفق ، “لا يُنظر إلى الانتخابات المقبلة بوصفها استحقاقًا دوريًا فحسب، بل كمحطة مفصلية ستحدّد ما إذا كان لبنان يتجه نحو تغيير سياسي جوهري، يشمل إصلاحات على مستوى الدولة والاقتصاد، أم نحو إعادة إنتاج المنظومة نفسها مع استمرار هيمنة حزب الله على التمثيل السياسي للطائفة الشيعية”.
ويشير إلى أنّ تشكيل الحكومة عكس استمرار نفوذ “الثنائي الشيعي”، من خلال تعيين وزيرين محسوبين على حزب الله (الصحة والعمل)، وثلاثة وزراء من حركة أمل (المالية، التنمية الإدارية، والبيئة)، لافتاً إلى أن الانتخابات البلدية التي جرت في أيار أظهرت قدرة حزب الله على الحفاظ على قوته داخل قاعدته الشعبية، رغم انخفاض نسب المشاركة، وهو ما يفسّره التقرير كمؤشر على تراجع الحماسة الانتخابية لا على تآكل الولاء السياسي.
مخاوف من اختراق الصوت الشيعي
وبحسب مركز ألما، يعود جزء أساسي من الاستعداد المبكر إلى قلق حزب الله من محاولات خصومه السياسيين، ولا سيّما حزب القوات اللبنانية، الدفع بمرشحين شيعة مستقلين قادرين على اقتناص مقاعد برلمانية شيعية وسحب أصوات من “الثنائي الشيعي”. ويضيف أنّ هذه الجهود تترافق مع محاولات لمنع فوز حلفاء لحزب الله من طوائف أخرى، بهدف تقليص نفوذه البرلماني والسياسي إلى الحدّ الأدنى.
ويشدّد على أنّ الخلاف حول قانون الانتخاب يشكّل أحد أبرز عناوين الصراع السياسي الحالي. فبحسب ، يعارض حزب الله وحركة أمل أي تعديل يتيح للمغتربين اللبنانيين التصويت لكامل المقاعد النيابية الـ128، بدلًا من حصر تمثيلهم بستة مقاعد. وتقود هذا الطرح، وفق مركز ألما، الأحزاب المسيحية، ولا سيّما القوات اللبنانية والكتائب، على أمل أن تؤدّي أصوات الاغتراب إلى إضعاف حزب الله انتخابيًا.
تصف الباحثة بأن ملف الانتخابات بالنسبة إلى الثنائي “وجودي”، باعتبار أنّ قانون الانتخاب يحدّد ميزان القوى للسنوات الأربع المقبلة. لذلك، يصرّ الحزب وحركة أمل، بحسب ، على أن أي تعديل يجب أن يتمّ بتوافق واسع لا عبر أكثرية نيابية بسيطة.
سجالات تقنية تعكس صراع نفوذ
ووفق تحليل مركز ألما، فإنّ السجالات البرلمانية حول قضايا تقنية، مثل التسجيل المسبق وآلية احتساب الصوت التفضيلي، لا تنفصل عن الصراع السياسي الأعمق على النفوذ والتحكّم بنتائج الانتخابات المقبلة، وتشكّل امتدادًا لمعركة تحديد قواعد اللعبة الانتخابية.
ويتطرّق إلى طرح احتمال تأجيل الانتخابات، “محذّرًا من أنّ خطوة كهذه قد تقود إلى شلل سياسي مألوف في التجربة اللبنانية، وقد تصبّ عمليًا في مصلحة حزب الله وحركة أمل عبر تكريس الوضع القائم”. وفي المقابل، يشير إلى أنّ حزب الله ينفي وجود أي نيّة لديه لتأجيل الانتخابات أو تمديد ولاية البرلمان الحالي.
وبحسب مركز ألما، أطلقت حركة أمل حملة “التحدّي الأخضر” كجزء من جهد لإعادة تلميع صورتها السياسية وتقديم نفسها كقوة منظّمة وحديثة. ويُبرز أنّ هذه الخطوة تُعدّ الأولى من نوعها لجهة اعتماد إطار انتخابي واضح يحمل اسمًا مستقلًا، مع إنشاء لجان انتخابية مركزية ومناطقية وتجنيد أكثر من 15 ألف مندوب ومراقب.
وتؤكّد ليفرنك في مقالها، أنّ هذه الحملة لا تعبّر عن أي تباعد عن حزب الله، بل تُدار ضمن التحالف الاستراتيجي القائم، مع تنسيق كامل لمواجهة أي محاولات لاختراق التمثيل الشيعي.
وبحسب ، “يعمل حزب الله على بناء شبكة تحالفات انتخابية واسعة، خصوصًا في الدوائر التي لا يمتلك فيها قاعدة دعم قوية، مثل الشوف–عاليه. كما يشير التحليل إلى أنّ الحزب يؤجّل الإعلان عن هذه التحالفات لضمان تنسيق دقيق”.
وفي الوقت نفسه، يواجه الحزب، وفق مركز ألما، تحديات مالية في تمويل حملته الانتخابية، إضافة إلى تراجع مستوى التعبئة الشعبية بعد الحرب، ما قد ينعكس انخفاضًا في نسبة المشاركة داخل بيئته.
ويشدد على أنّ “حزب الله حدّد أهدافًا انتخابية تتجاوز مجرّد الحفاظ على عدد المقاعد، أبرزها رفع نسبة الاقتراع الشيعي لإثبات متانة قاعدته الشعبية، ومنع أي اختراق محتمل للمقاعد الشيعية، ولا سيّما في دوائر حسّاسة مثل جبيل”. كما يسعى الحزب، بحسب ، إلى الحفاظ على كتلة نيابية وازنة تمكّنه، مع حلفائه، من تأمين “الثلث المعطّل” في أي حكومة مقبلة، بما يضمن له تأثيرًا حاسمًا في القرارات السياسية والتعيينات الكبرى.
معركة سياسية ذات طابع وجودي
ويخلص تقرير مركز ألما، إلى أنّ الانتخابات النيابية المقبلة “تُعدّ بالنسبة إلى حزب الله وحركة أمل معركة ذات طابع وجودي، تهدف إلى إعادة تثبيت نفوذهما السياسي والشعبي في مواجهة ضغوط داخلية وإقليمية ودولية متزايدة، وتشكل اختبارًا حاسمًا لقدرة الثنائي الشيعي على الحفاظ على موقعه في النظام السياسي اللبناني”.
ألما: الحزب وأمل يستعدان مبكرًا للانتخابات لحماية نفوذهما .