2026 سيكون عام الحسم على عدة جبهات تحضيراً لنظام إقليمي جديد

Screenshot20251230063819_063848_large

عدة ساحات في المنطقة تشهد تحدّيات وتوترات تؤثر بشكل أو بآخر على بعضها، نظراً إلى دور لاعبين أساسيين فيهما

عدة تطورات منتظرة السنة المقبلة ستجعل من عام 2026 عام الحسم، الذي سيشهد أحداثاً ومتغيرات ترسم شكل المنطقة للعقد المقبل. فعدة ساحات في المنطقة تشهد تحدّيات وتوترات تؤثر بشكل أو بآخر على بعضها، نظراً إلى دور لاعبين أساسيين فيهما: إيران وإسرائيل. فالصراع بينهما تحول خلال عام 2025 من حرب بالوكالة إلى حرب بالأصالة. وهذا مرجّح أن يستمرّ رغم محاولات طهران الحثيثة تعزيز قدرات وكلائها، الذين تلقوا ضربات قوية منذ السابع من أكتوبر 2023. تعمل إيران في الأشهر الأخيرة على رصّ صفوف حلفائها في لبنان والعراق واليمن لإبقاء الصراع مع إسرائيل محصوراً فيها، وبعيداً عن أراضيها. إنما الضغوط الدولية على هذه المجموعات، وتحديداً في لبنان والعراق، لنزع سلاحها ستستمر، مما سيضع السلطات التنفيذية في كلّ من الدولتين أمام امتحانات صعبة.
ستشهد إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر المقبل انتخابات تشريعية تحدّد مصير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته. وهذا سيضع نتنياهو تحت ضغوط كبيرة لشراء المزيد من الوقت لتحقيق إنجازات تعزز من مكانته لدى الناخب الإسرائيلي لضمان بقائه في السلطة. وهذا سيتطلّب استمرار الحروب على بعض، إن لم يكن على جميع الجبهات السبع، التي تقول إسرائيل إنها تحارب عليها خلال العامين الماضيين. لقاء نتنياهو مع الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض يهدف إلى تحديد الجبهات التي سيتم تنشيطها، والأهداف المنويّ تحقيقها في كلّ منها. طبعاً، لن يتم الإعلان عن تفاصيل اللقاء، رغم كل التسريبات والتحليلات. لكن بناء على تسريبات وتحليلات الإعلام العبري والغربي، فإن جبهات إيران ولبنان والعراق واليمن ستشهد تصعيداً في الفترة المقبلة.
في ما يخصّ إيران، فإسرائيل يبدو أنها عازمة على تدمير برنامجها الصاروخي إلى جانب برنامجها النووي. فقدرات إيران الصاروخية فاجأت إسرائيل بشكل واضح، وباتت تصنّف كتهديد استراتيجي، كما أنها تُقلق أوروبا وأميركا، نظراً إلى زيادة مدى الصواريخ الباليستية وتطور رؤوسها الحربية. لذلك، فإن الغرب سيكون منفتحاً على دعم عمل عسكري إسرائيلي لنفي التهديد الصاروخي الإيراني، بالإضافة إلى النووي. تسعى تل أبيب لدور أميركي مباشر في هجوم واسع على إيران، وإن كان من المرجّح أن تكتفي واشنطن بتوفير دعم دفاعي ولوجستي واستخباراتي. ويخشى بعض المراقبين من استغلال إسرائيل للدعم الأميركي لحرب جديدة ضد إيران في شنّ عمليات تهدف إلى إسقاط النظام؛ وهو هدف تحدّثت عنه جهات إسرائيلية في الحرب الأخيرة على إيران. وربما تنتظر إسرائيل انتهاء العام الدراسي، قبل فتح الجبهة مع إيران، لتقلّل الخطر على شعبها من الرشقات الصاروخية الباليستية.
أما لبنان، فعملية سحب سلاح حزب الله من قبل الجيش اللبناني شمال الليطاني ستشهد تعقيدات كبيرة ومراوحة نتيجة رفض الحزب لها. وهذا سيؤدي حسب تحذيرات جهات دولية عدّة لاستئناف الحرب ضد مواقع حزب الله، وتحديداً في البقاع، حيث توجد مخازن الصواريخ الباليستية والأخرى ذات المديات البعيدة والمسيّرات، كما أن مهمة قوات السلام الدولية “اليونيفيل” في جنوبي لبنان تنتهي آخر عام 2026؛ وبالتالي، يجب تحديد مصير المناطق الحدودية مع إسرائيل وكيفية إدارتها بغياب قوات فصل، خاصة إن بقي سلاح الحزب على حاله. وستؤدي الحرب المقبلة لتعزيز دور آلية الميكانيزم، ممّا سينقل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل إلى مكان متقدّم، مع سقف أعلى من الجانبين. وإذا ما كانت إسرائيل تنوي شنّ عمليات بريّة باتجاه البقاع، فهذا يعني أنها ستنتظر حتى الربيع لتجنب الثلوج.
مصير جبهة العراق مرتبط بشكل الحكومة العراقية ومستقبل سلاح مجموعات الحشد الشعبي الموالية لطهران. فإذا ما ازداد نفوذ طهران في الحكومة المقبلة، فسيكون احتمال توجيه ضربات إسرائيلية ضد مخازن صواريخ ومسيّرات الحشد قوياً. وتضغط واشنطن بشدّة لمنع تشكيل حكومة عراقية موالية لطهران، ولحثّ السلطات على سحب سلاح ميليشيات الحشد الشعبي. وقد تتزامن أيّ عمليات ضد العراق مع الحرب الإسرائيلية المتوقّعة ضد إيران، نظراً إلى التواصل الجغرافي بينهما.
شهدت المنطقة تطوراً دراماتيكياً خلال الأيام الماضية له ارتباط بوضع اليمن، وهو اعتراف إسرائيل بأرض الصومال كدولة مستقلّة. ويعتقد العديد من المحلّلين أن هدف إسرائيل من هذه الخطوة هو إنشاء قاعدة عسكرية لها في منطقة باب المندب، التي تعدّ البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، وتقابل ساحل اليمن. هذا سيساهم بشكل كبير بتعزيز العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الحوثيين في اليمن، ومراقبة تحرّكات إيران في البحر الأحمر. طبعاً، التمدّد الإسرائيلي نحو اليمن له أبعاد بعيدة المدى مرتبطة بتعزيز نفوذها في منطقة القرن الأفريقي وبمحاصرة مصر من الجهة الجنوبية. فبالرغم من وجود اتفاقية سلام بينهما، فلا تزال إسرائيل تتحدّث عن تنامي قدرات مصر العسكرية كمصدر تهديد لها.
لا يمكن تجاهل جبهتي غزة وسوريا. فالأولى باتت مرتبطة بخطة سلام تحمل اسم وتوقيع الرئيس ترامب؛ وبالتالي، فإن الدور الأميركي يضغط بشدّة على نتنياهو ونواياه تجاه غزة. حجم تهديد حماس لإسرائيل تضاءل بشكل كبير، والمسار الديبلوماسي يسلك طريقه نحو التنفيذ في مرحلته الثانية، خلال الأسابيع المقبلة، إنّما دون استبعاد عمل عسكري لتجريد حماس من السلاح. أما على الجبهة السورية، فتقدم العلاقات الأميركية-السورية على مستويات أمنية وسياسية واقتصادية ورفع عقوبات قانون قيصر يعقّد مساعي نتنياهو الواضحة لاستخدام الدروز والأكراد للضغط على الحكومة السورية للقبول بشروط تل أبيب، ضمن اتفاق أمنيّ جديد. كذلك، فإن دعم واشنطن لدور تركي-سعودي في سوريا، ضامن لمصالح أميركا هناك، يزعج نتنياهو. تسارع الأحداث في سوريا سيدفع بالأمور نحو التصعيد والحسم الميداني في الأشهر المقبلة، وهذا سيؤدي إلى اتفاقية أمنية جديدة بين إسرائيل وسوريا وتثبيت وضع الإدارة الجديدة في دمشق.

2026 سيكون عام الحسم على عدة جبهات تحضيراً لنظام إقليمي جديد .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print