إسرائيل 2026 بقيادة نتنياهو: حرب محتملة وسلام مستبعد

image-1763633315.png

مع دخول العام 2026، تكون إسرائيل قد خرجت شكلياً من مرحلة الحرب المفتوحة، لكنها لم تدخل في زمن التسوية. المرحلة الممتدة بين كانون الثاني 2026 وموعد الانتخابات التشريعية المقبلة تشكّل، وفق تقديرات مراكز أبحاث إسرائيلية وأميركية، فترة إعادة تموضع سياسي وأمني، لا مراجعة استراتيجية. في هذه المساحة الزمنية بالذات، يُعاد إنتاج الشروط التي تجعل العنف مرجّحاً، والسلام مؤجلاً.

لا تبدو هذه المرحلة انتقالية بالمعنى الإيجابي؛ بل أشبه بـِ “الهدوء الذي يسبق اختباراً جديداً للقوة”، حيث تتقدّم الحسابات الانتخابية على أي تفكير في حلول بعيدة المدى.

تشير أوراق صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS ) إلى أن الحكومات الإسرائيلية ما قبل الانتخابات تميل تاريخياً إلى تجنّب القرارات المصيرية، مقابل تعزيز خطاب الردع والجاهزية العسكرية. عام 2026 لا يشكّل استثناءً، بل يأتي محمّلاً بإرث حرب لم تُحسم سياسياً، وبجمهور يتجه أكثر نحو التشدد مما يجعل السياسة في قبضة الأمن ،  ويُعاد تعريف الاستقرار باعتباره غياب الانفجار الكبير، لا تحقيق السلام.

تقدّر مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي وBrookings Institution أن غزة ستدخل عام 2026 في حالة تهدئة قسرية، تقوم على ترتيبات أمنية وإنسانية مؤقتة. هذه التهدئة، بحسب الدراسات، لا تعكس تحوّلاً في الرؤية الإسرائيلية، بل إدارة للوقت بانتظار تبلور المشهد الانتخابي.

الخطر هنا أن غزة ستبقى بلا حل سياسي، ما يجعل أي خرق أمني شرارة محتملة لجولة عنف جديدة تُستخدم داخلياً لتغذية خطاب الحزم والردع. 

في تقديرات مراكز الأبحاث الإسرائيلية والأميركية، يحتلّ لبنان موقعاً خاصاً في مرحلة ما بين كانون الثاني 2026 والاستحقاق الانتخابي الإسرائيلي. فهو الجبهة الأكثر حساسية والأكثر قابلية للانزلاق، ليس فقط بسبب طبيعة المواجهة مع حزب الله، بل أيضاً بسبب هشاشة الدولة اللبنانية وعجزها البنيوي عن ضبط مسارات التصعيد أو التهدئة.

“الجبهة الأخطر غير المنفجرة”

أما معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS ) فيعتبر أن إسرائيل تنظر إلى الساحة اللبنانية بوصفها “الجبهة الأخطر غير المنفجرة”، أي تلك التي تُدار حالياً تحت سقف معيّن من الاشتباك، لكنها تحمل في داخلها قابلية التحوّل السريع إلى مواجهة أوسع إذا تغيّرت الحسابات السياسية في تل أبيب.

وترى مؤسسة RAND Corporation  أن عام 2026 سيكون عاماً اختبارياً في الشمال، حيث ستسعى القيادة الإسرائيلية إلى إعادة ترسيخ معادلة الردع، خصوصاً إذا خلصت إلى أن نتائج الحرب في غزة لم تُترجم تفوّقاً استراتيجياً واضحاً. في هذا السياق، يصبح لبنان ساحة تعويض عن إخفاقات أخرى، لا هدفاً مستقلاً بذاته.

الخطير في هذا السيناريو، كما تحذّر بعض الدراسات الأميركية، هو أن إسرائيل قد تلجأ إلى تصعيد مضبوط ومجزّأ: ضربات نوعية، توسيع بنك الأهداف، أو تغيير قواعد الاشتباك تدريجياً، من دون الذهاب إلى حرب شاملة. هذا النوع من التصعيد، وإن بدا محدوداً عسكرياً، يحمل كلفة عالية على لبنان، اقتصادياً واجتماعياً، في ظل دولة شبه غائبة وقدرات داخلية مستنزفة.

في المقابل، يشكّل الواقع اللبناني نفسه عاملاً مشجّعاً على المخاطرة. فغياب القرار السيادي الموحّد، والانقسام الداخلي، والانهيار الاقتصادي المستمر، كلّها عناصر تقرأها إسرائيل كعوامل ضعف تقلّص احتمالات الردّ المنظّم، وتزيد من قابلية فرض وقائع جديدة على الأرض، سواء في الجنوب أو في عمق البنية التحتية.

وتشير دراسات إسرائيلية نقدية إلى أن أي تصعيد في لبنان خلال عام 2026 لن يكون معزولاً عن الحسابات الانتخابية. فإظهار الحزم على الحدود الشمالية يُستخدم داخلياً لإثبات الجدارة الأمنية، ولتعزيز صورة القيادة القادرة على “إعادة الهدوء” من دون الانجرار إلى حرب شاملة. لبنان، في هذه المعادلة، يتحوّل إلى ورقة ضغط داخلية في السياسة الإسرائيلية، لا إلى طرف في نزاع متكافئ.

لا شك ان لبنان يدخل عام 2026 من دون شبكة أمان سياسية أو اقتصادية وأي تصعيد، ولو محدوداً، قد يدفع الجنوب إلى مزيد من النزوح، ويعمّق عزلة لبنان الدولية، ويؤجّل أي أفق للتعافي أو إعادة الإعمار. والأخطر أن لبنان لا يملك أدوات التأثير في توقيت التصعيد ولا في مساره، بل يكتفي بإدارة نتائجه.

يبدو لبنان في مرحلة ما قبل الانتخابات الإسرائيلية رهينة توازنات لا يملك مفاتيحها. 

تشير دراسات صادرة عن مركز بيغن–السادات ومعهد فان لير في القدس إلى أن المزاج العام في إسرائيل، عشية أي انتخابات، لا يكافئ الخطاب التصالحي. على العكس، يُنظر إلى التسوية السياسية كعبء انتخابي، وإلى القوة كضمانة للاستقرار، وكلما اقترب الاستحقاق الانتخابي، تضاءلت فرص السلام، ليس بسبب غياب البدائل، بل بسبب كلفتها السياسية.

مرحلة إدارة توترات

إذا جُمعت هذه المؤشرات، يصبح المسار واضحاً: مرحلة ما بين كانون الثاني 2026 والانتخابات التشريعية لن تكون مرحلة تسوية، بل مرحلة إدارة توترات. غزة ستبقى على حافة الانفجار، لبنان تحت سقف التصعيد المضبوط، والمنطقة في حالة توازن هشّ.

وعند الوصول إلى صناديق الاقتراع، ستكون النتيجة شبه محسومة: حكومة جديدة أو متجددة، بخطاب أمني أشد، وبرنامج سياسي يقوم على تأجيل الحلول لا إنتاجها.

الاستنتاج الذي تصل إليه معظم مراكز الأبحاث الأميركية والإسرائيلية هو أن السياسة الإسرائيلية، كما تُدار اليوم، تقود منطقياً إلى النتيجة نفسها: صراع طويل، سلام مؤجَّل، ومنطقة تعيش على إيقاع التهدئات المؤقتة.

ليس ذلك قدراً محتوماً، لكنه مسار اختارته الحسابات الانتخابية، وكرّسه عقل سياسي يرى في القوة رصيداً انتخابياً، وفي السلام مخاطرة غير محسوبة. وإلى أن يتغيّر هذا المنطق، ستبقى المنطقة رهينة انتخابات لا تُنتج تسويات، بل تؤجّل استحقاقها.

إسرائيل 2026 بقيادة نتنياهو: حرب محتملة وسلام مستبعد .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print