أعياد لبنان: الطائرات “مفولة”… لكن الفنادق تشكو والمطاعم تنتظر

اعياد-بيروت

تعكس زحمة الطائرات في مطار رفيق الحريري الدولي حركة كثيفة، بيد أن التناقض واضح عند النظر إلى حجوزات الفنادق والشقق المفروشة، حيث نسب الإشغال متواضعة، والشقق المفروشة خارج بيروت شبه فارغة. أما الأسواق والمدن فمزدانة بزينة الميلاد، وأشجار الميلاد تملأ الشوارع، لتشكل مشهداً احتفالياً يوحي بالحياة والحركة وسط واقع اقتصادي وسياسي متقلب.

من زاوية الطيران، تبدو المؤشرات إيجابية بوضوح. يؤكد نقيب اصحاب مكاتب السفر جان عبود أن النشاط الجوي يتصاعد منذ الأيام الأولى من الشهر، بل قبل ذلك، مع ارتفاع ملحوظ في عدد الرحلات اليومية من لبنان وإليه. باريس وحدها تسجل 4 رحلات يوميا، فيما تشهد دبي 4 رحلات موزعة بين طيران الإمارات وفلاي دبي التي زادت عدد رحلاتها استجابة لارتفاع الطلب. من الرياض هناك 6 رحلات يوميا، ومن قطر 5، ومن أبوظبي 4، ومن عمان 5، ومن القاهرة 6، في حين تصل الرحلات من اسطنبول إلى 10 يوميا.

إلى جانب ذلك، تشغل شركة طيران الشرق الأوسط ما بين 37 و40 رحلة يوميا إلى مختلف الدول العربية والعالم، مع نسب ملاءة 100%. هذه الأرقام تعكس ضغطا كبيرا على حركة المطار، وتؤشر ظاهريا إلى موسم سياحي واعد. وبحسب عبود، لم تعد الحركة محصورة بالعراق أو مصر أو الأردن، بل عاد الخليجيون إلى التفاعل، لا سيما القادمون من الكويت وقطر، وهؤلاء يتميزون بنسبة إقامة أطول وقدرة إنفاق أعلى.

لكن، يسأل نقيب اصحاب الفنادق بيار الأشقر: “الطائرات ممتلئة، لكن بمن؟”. فبحسب معطياته، 90% من الركاب هم لبنانيون وافدون لقضاء الأعياد في منازلهم، لا في الفنادق. صحيح أن الخليجيين يشكلون حركة جيدة، إلا أن أعدادهم لا تكفي لملء الفنادق، مشيراً إلى أن نسبة إشغال الفنادق في بيروت خلال فترة الأعياد لا تتجاوز 60%، وهي نسبة متوسطة لا ترقى إلى مستوى الذروة. أما خارج العاصمة، فالصورة أكثر قتامة، إذ تعاني مناطق سياحية أساسية مثل جونية وبرمانا وبحمدون من ركود حاد. في جونية، على سبيل المثال، لا تتعدى نسبة إشغال بعض الفنادق الكبرى 15%.
بالنسبة لقطاع الشقق المفروشة، حدث ولا حرح. تبدو الصورة سوداوية تعكسها ضآلة الحجوزات التي تقارب “الصفر” في معظم المناطق، خصوصا خارج بيروت. فالقطاع، وفق ما يقول نقيب اصحاب الشقق المفروشة زياد اللبان يرزح تحت ضغط الضرائب والرسوم البلدية وغيرها، وارتفاع كلفة الكهرباء والمولدات والمياه، إضافة إلى منافسة غير متكافئة من قطاع الـAirbnb  الذي لا يدفع ضرائب.

زينة الأعياد، وأشجار الميلاد، والأسواق الموسمية المنتشرة في المدن والقرى، تخلق أجواء احتفالية واضحة توحي بحركة نشطة وانتعاش واسع. هذا المشهد يعكس، وفق نقيب اصحاب المطاعم طوني الرامي، “روح العيد” الحاضرة بقوة، وإصرار اللبنانيين على الحياة رغم الواقع السياسي والأمني الضاغط. لكن هذه الصورة لا تعني بالضرورة حركة بيع موازية. فالازدحام في الشوارع لا يترجم تلقائيا استهلاكا مرتفعا في ظل تراجع القدرة الشرائية وخسارة الطبقة الوسطى، التي يشدد الرامي على أنها “المحرك الأساسي للاقتصاد، فكثير من الحركة يقتصر على التنزه والمشاركة في الأجواء الاحتفالية، من دون أن تتحول إلى إنفاق فعلي كبير، ما يجعل الانتعاش أقرب إلى كونه شكليا أو نفسيا أكثر منه اقتصاديا”.

في المقابل، يسجل قطاع المطاعم والملاهي الليلية تحسنا نسبيا. يؤكد الرامي أن المطاعم جاهزة بالكامل، وأن الحركة بدأت تتحسن تدريجيا منذ العاشر من الشهر، مدفوعة بحجوزات الاغتراب اللبناني القادم من الخليج وأوروبا وأفريقيا. كما أن بيع تذاكر حفلات فنية كبرى بالكامل، وارتفاع حجوزات الملاهي الليلية، يعكسان انتعاشا موسميا، ولو أنه يبقى محدودا زمنيا.

أعياد لبنان: الطائرات “مفولة”… لكن الفنادق تشكو والمطاعم تنتظر .

Facebook
WhatsApp
Telegram
X
Threads
Skype
Email
Print